• ×
الجمعة 19 رمضان 1445

وافدون يتفننون في سرقة الزبائن بطرق «بسيطة»

«مافيا البرادة» .. تنخر جسد صاغة الذهب

«مافيا البرادة» .. تنخر جسد صاغة الذهب
بواسطة fahadalawad 19-04-1434 04:21 صباحاً 842 زيارات
ثقة ج متابعات:  أينما ذهبت في أسواق الذهب بالمملكة " شرقها و غربها، جنوبها و شمالها"، وجلت ببصرك في محلات الصياغة لن تجد سوى العمالة الآسيوية الوافدة تحكم سيطرتها على هذه المهنة، والتي باتت كغيرها تحت وطأة الوافدين، جولتنا على محلات صياغة الذهب في الاحساء كشفت لنا عن أرقاماً عالية يدخلها الوافدون جراء سرقات " بُرادة الذهب "،وهي سرقات ترتكب على مرأى ومسمع الجميع، وبالطبع فإن ما يحصل في الاحساء حتماً أنه يتكرر في الرياض وجدة والدمام والمدينة المنورة وجُلّ مدننا دون استثناء.

تحايل وسرقات

عايش محمد الدجاني "أقدم الصاغة في سوق الذهب بالهفوف والذي لا يزال يمارس عمله منذ 55 عاماً" يقول إن الصائغ الأجنبي يغري الزبائن للتصليح بأسعار رخيصة دون أن يعلم الزبائن أنه يسرقهم بأضعاف المبلغ الذي يطلبه لتصليح قطعهم، ويلفت إلى أن غياب الرقابة على الوافدين مكنهم من شراء الذهب المسروق من هذا أو ذاك، وكذلك قيامهم بصبه دون أن يعلم أحد، لافتاً إلى أن العمالة الأجنبية تمارس صب الذهب في وضح النهار، وربما يأخذها معه إلى بلده دونما رادع.

فوضى

أحمد البن عيسى "يملك سلسلة محلات لبيع الذهب" يقول إن موضوع العمالة الأجنبية أمر متروك بشكل عشوائي، فالسعوديون تركوا مهنة صياغة الذهب التي مارسوها طوال عقود من الزمن بعدما دخلها الأجانب، وبرر حسن ترك السعوديين هذه الحرفة إلى كون الأجنبي يصلح القطعة ذهباً كانت أم فضة بربع قيمة المبلغ الذي يطلبه السعودي، مستدركاً حديثه أنه إذا كان يصلح ب 5 ريالات، فإنه يسرق ب 40 ريالاً، لافتاً إلى الكثير من الأجانب يسرقون خلال التصليح ، واستطرد أن بعض النساء يأتين بكميات ذهب لتلميعه أو غسله مقابل ب 20 ريالاً إلا أن البائع يكون قد اختلس من تلك الكمية ب 1000 ريال !

طرق السرقات

تناول حسن عيسى أساليب السرقة حيث بين ان العامل يقوم بسحل خفيف لخاتم الذهب أو قلب الذهب من الداخل، أو يقوم بقطع جزء صغير من سلسال الذهب دون أن تشعر المرأة بأي تغيير لمثل هذه السرقات، وبالطبع، فإنه يدخل من هذه السرقات مبالغ ضخمة، وأضاف فهؤلاء لديهم فن في السرقة لا يمكن أن يكتشف إلا بالميزان الدقيق، ويوضح شيخ صاغة المبرز صورة أخرى من طرق السرقات، حيث إن حلق الأذان المكون من سلسلة من الحلقات فإن العامل يزيل تلك الحلقات ذات العيار 21، ويبدلها بذهب عيار 14 دون أن يتمكن الزبون من ملاحظة هذا التغيير، حيث إنه لا يمكن كشفها إلا بتحليل الذهب.

زيادة النحاس

ويضيف محمد العيسى (بائع ذهب) أن من بين طرق التلاعب خلال صياغة الذهب هو زيادة نسبة النحاس في القطعة؛ وبالتالي تقل درجة تركيز الذهب فيها، ويذكر عيسى المهنا (صائغ) نموذج آخر من السرقات ومنها إقدام العامل الأجنبي على حكّ قطعة الذهب بآلة المبرد، لتتساقط معها "بُرادة الذهب"، وهكذا مع تكرار هذا العمل مع أكثر من زبون يجمع كمية كبيرة من الُبرادة التي يجمعها ومن ثم يصبها فيكون بذلك ثروة كبيرة، وكشف عن الصاغة الأجانب يصل بهم الأمر إلى بيع قطعة السجاد الصغيرة التي يجلسون عليها كل عامين بمبالغ قد تصل إلى ثمانية آلاف ريال نظراً لاحتوائها على بُرادة الذهب.

نظام

ودعا حسن إلى وجوب تطبيق نظام صارم على العمالة الأجنبية في كافة مناطق المملكة بحيث يفرض على السعودي تواجده إلى جانب العامل الأجنبي، مشيراً إلى أن الذهب يمثل قيمة اقتصادية كبيرة جداً، وطرح تساؤلاً حول كيفية ترك الذهب بما يمثله من أهمية اقتصادية كبيرة لدى العمالة الأجنبية التي تتلاعب به ؟ وأضاف أن الصّاغة السعوديين لم يغادروا هذه الحرفة إلا في السنوات الأخيرة بعدما كسّدها عليهم الأجانب.

خفافيش

وكشف عن جانب في غاية الخطورة ، يتمثل في وجود عمالة آسيوية يعملون في إصلاح وصياغة الذهب في شقق بعيدة عن أعين الرقابة ، مضيفاً أنهم يتجولون في الأسواق ويتعاونون مع عمالة من بني جلدتهم لديهم محلات صياغة صغيرة ، فتحولت هذه الشقق إلى أوكار لصهر وسبك الذهب وتحويله إلى سبائك ، الأمر الذي اكده عايش الدجاني بوجود العشرات من الشقق المشبوهه في الهفوف

آثار

وتابع ابن عيسى سرد معاناة الصاغة حيث أكد أن السرقات التي يقوم بها الوافدون من الذهب بدأت تظهر آثارها عليهم، فباتوا يملكون سيارات جديدة وباتوا يحضرون أسرهم ويعيشون حياة رفاهية، مطالباً وزارة التجارة بالتشديد على هذه العمالة، مؤكداً أن السرقات تحصل في جميع مدن المملكة دون استثناء، و يشير عبدالله عبدالمجيد أن هذه العمالة لا توجد لديهم مواصفات أو اشتراطات التي تمكنهم من صناعة الذهب بالطريقة الصحيحة، فهم لا يمتلكون ميزان تحليل، ولا ختماً أو شعاراً مسجلاً لدى وزارة التجارة.

تقصير

وحمل شيخ صاغة المبرز ما يحصل من تلاعب وسرقات من العمالة الأجنبية للذهب إلى غياب وزارة التجارة، ودعا إلى عدم منح تراخيص أو تجديد التراخيص لفتح محلات الصياغة إلا بعد الرجوع لشيخ الصاغة، وشدد إلى أهمية الحد من منح التراخيص تدريجياً للعمالة ليحل مكانهم من السعوديين، مضيفاً أن التراخيص تمنح لعمالة لا تعرف الذهب ولا الجودة النوعية، كما دعا إلى تحديد مهر (ختم) خاص لكل محل حتى للأجنبي للحد من البيع والتلاعب ومعرفة مصدر القطعة ولو بعد سنوات.

السعودة غير ممكنة

عبدالله عبدالمجيد العيسى "صائغ سابق" ويعمل حالياً في بيع الذهب في أحد المحلات، يرى أن منع الأيدي الأجنبية من بيع الذهب غير ممكن في الوقت الحالي، مرجعاً ذلك إلى عدم توفر الشباب السعودي الذي يملك مهرة العمل في هذه مهنة صياغة الذهب ، وسلط العيسى الضوء على غياب الكفيل مذكراً أن الشريحة الكبرى من العمالة الأجنبية جاءت للحصول على المال بطرق مشروعة وغير مشروعة، مشدداً على أنه من الخطأ أن يتعامل الأجنبي في مجال الذهب بشكل مباشر مع الزبائن محذراً من خطورة مثل هذا الموضوع ومن هروب البعض بالذهب مؤكداً تكرار حصول مثل هذه الحوادث.

مافيا

وصف حسين صالح (بائع في محل للذهب) العمالة التي تسيطر على صياغة الذهب بالمافيا التي تضم عدة جنسيات، وقدر حسين المدخول الشهري للصائغ الأجنبي في ورش غير مرخصة وبنظام الكفالة ب 15 ألف ريال شهرياً، وكشف عن وجود عمالة تحصل على طلبات صناعة خواتم ذهب، وذلك عبر التعاون مع "عمالة الشقق"، وبين وكشف عن وجود تلاعب خطير في الذهب بالمملكة من قبل الوافدين، حيث يبيعون الذهب بأقل من العيار الحقيقي، وقدر عدد الصاغة الذين يعملون في الخفاء في مدينة المبرز لوحدها بأكثر من 30 عاملاً.

عمالة نظامية

جمعة أحمد الباذر "شيخ صاغة الهفوف" يؤكد أن هناك عمالة نظامية، ونفى الباذر قيام العمالة الأجنبية التي تعمل في محلات الصياغة بالسرقة، كما رفض الاتهام الموجه لهذه العمالة بأنهم يأتون بمهن أخرى ثم يتعلمون الصياغة في المملكة، معللاً كلامه بوجود رقابة عليهم من أصحاب المحلات، فلا يمكنه القيام بالسرقة إلا أن الباذر لم يخف وجود صاغة سائبين، وبعضهم يعملون في شقق.

معاهد تدريب

وتمنى عايش الدجاني و جمعة الباذر من المسؤولين في مؤسسة التدريب التقني والمهني دراسة افتتاح أقسام لصياغة الذهب، وبين الباذر بأنه مستعد لتدريب الشباب السعودي وبصورة مجانية على أن يتم توفير أدوات التدريب، ولفت إلى أن العمل في صياغة الذهب لا تأتي بالفرض بل إن تكون برغبة داخلية ومهارة يدوية، ومن جانبه اوضح هيثم الخرس (صائغ سابق) بأنه ترك مهنة الصياغة بعد سيطرة الأجانب عليها ، وبين أنه قام بفتح محل لبيع الذهب الذي وصفه بأنه أكثر ربحاً وأقل جهداً.