• ×
الخميس 16 شوال 1445

رؤساء المجالس: مرحلة «الانتخابات» لم تستوعب.. و«المستقيلون» صناعة ناخبين!

رؤساء المجالس: مرحلة «الانتخابات» لم تستوعب.. و«المستقيلون» صناعة ناخبين!
بواسطة fahadalawad 20-05-1434 04:59 صباحاً 724 زيارات
ثقة ج متابعات:  أكد عدد من رؤساء الأندية الأدبية الثقافية في المملكة أن «الاستقالات» التي شهدتها مجالس الأندية خلال العامين الماضيين، بأنها مسألة «بديهية» جاءت عطفا على العديد من الأسباب التي أفرزت ظاهرة الاستقالات بوصفها ناتجا.. في ظل تجربة «انتخاب» مجالس الأندية الأدبية التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من الوقت الذي ستكون معه تجربة ناضجة، إلى جانب ما يتطلبه العمل المؤسسي الثقافي من التزام وفاعلية في آن واحد.. مشيرين إلى أن بعضهم جاء من قبيل التجربة، وآخرين لم تسعفهم ظروفهم الخاصة في الاستمرار. كما نفى رؤساء الأندية الأدبية من جانب آخر أن تكون «الشخصنة» هي الطاغية على استقالات أعضاء المجالس، وأن القليل من تلك الاستقالات كانت مجيرة باسم الاختلاف الثقافي حول الرؤى والأفكار، الأمر الذي جعل الناخبين والمنتخبين أمام محك الفعل الثقافي من خلال الأندية الأدبية، التي جعلت الطرفين بين المساهمة الحقيقية في العمل المؤسسي ومن ثم الاستمرار.. وبين الدخول في حسابات متضاربة مع أعضاء المجلس أولها الاستقالة التي وصفها رؤساء الأندية بأنها مما يشكر عليه أمثال هؤلاء.. لكونه تنفيذا لما جات به اللائحة من جانب، ولاتاحة الفرصة لآخرين تم انتخابهم احتياطا من جانب آخر.

يقول رئيس نادي مكة الأدبي الثقافي الدكتور حامد الربيعي: لا أدافع هنا عن اللائحة ولا عن النظام والتنظيم، ولا الإدارة العليا للأندية الأدبية، فنحن نمر بتجربة جديدة على المشهد الثقافي، وهي بكل أبعادها لم تستقر بعد، وربما احتاجت سنوات كي تنضج، فحينما صدرت اللائحة وأعلنت الانتخابات وتشكيل الجمعيات، وما تبع ذلك وجد خلق كثير فرصة سانحة أن يجد له مكانا في المنبر الثقافي.

وأضاف د. الربيعي: جاء أولئك ومن يتبعهم مصوتين ومختارين من انتخبوا له مجالا في مجالس الأندية، وعندما بدأت المجالس تمارس دورها، وبدأت الرؤية تتضح، اكتشف كثير من القادمين إلى مجالس الأندية أن المهمة التي أقدموا عليها ليست بيسيرة عليهم، وأنها تحتاج منهم إلى وقت وجهد، فوجدوا أن وجودهم في هذه المجالس ليس شرفيا، بقدر ما هو مشاركة في الفعل الثقافي.

وأردف رئيس أدبي مكة: بعض هؤلاء أراد أن يجعل الاستقالة حلا لإشكالية وقع فيها، وهذا في حقيقة الأمر ليس حلا "مثاليا" لكونه خذل مرشحيه وهذا فريق، وفريق آخر يمثله أعضاء أرادوا أن يجعلوا من الاستقالة سبيلا للتعبئة، ومع احترامي أقول لأولئك: ليس هذا هو الحل، فالجمعيات العمومية والمجالس "المنتخبة" تتيح التعبير عن الرأي وتفسح أمام الحوار والنقاش طاولة مستديرة، يغلب فيها التصويت، كل صوت وكل رؤية.. إذ لا أجد ما يبرر هنا استقالة من أجل الاحتجاج أو التعبير عن رأي أو رؤية.

وعن الحكم على هذه الظاهرة، أكد د. الربيعي، أنه لا يستطيع الحكم إيجابا أو سلبا لظاهرة في مرحلة لما تنضج، ولم يستقم عودها، إلا في حال كون من دخل مجالس الأندية من صلب المشهد الثقافي، ممن يحمل الثقافة هما، ويضحي من أجلها، ما يجعلنا حينها أمام الحاجة إلى دراسة مسحية أولية لإصدار الحكم على هذه الظاهرة.. مشيرا إلى أن أغلب الصحف المحلية جعلت من الاستقالات زوابع وهالات صحفية من دون البحث عن الأسباب الحقيقية.. وحملت هما لا وجود له، وتبنت "قضية" وصفها د. الربيعي بالميتة، عطفا على نظام اللائحة الذي لم يهمل مسألة الاستقالات لكونها مسألة واردة.

وعن استقالات أدبي مكة ختم د. الربيعي حديثه قائلا: استقبلنا أربع استقالات من زملاء كرام، لا علاقة لها بالنادي، استنادا لما تقدموا به، لظروفهم الخاصة، لم يجدوا معها ما يجعلهم قادرين على ما تتطلبه أنشطة النادي، وهؤلاء يشكرون على ما تقدموا به؛ لأنهم أتاحوا الفرصة لأعضاء من الاحتياط، ممن هم أكثر تفرغا، وأكثر انحيازا للمشاركة في أعباء أعمال النادي.

من جانب آخر قال رئيس نادي أبها الأدبي الثقافي الدكتور أحمد آل مريع: إن مسألة الاستقالات التي تشهدها مجالس الأندية الأدبية بوجه عام، تعد شيئا طبيعيا، لكون المثقف بشر شأنه شأن بقية الشرائح الاجتماعية الأخرى من جانب، ومن جانب آخر فالمثقف عادة ما يأتي إلى المؤسسة الثقافية وهو يقدم عملا تطوعيا، يتطلب منه في الوقت ذاته الالتزام، وأن يكون فاعلا في حضور مستمر مع النادي، ما يجعله أمام مسألة القدرة على العطاء أولا وعلى الاستمرار ثانيا، أو عندما يشعر المثقف أنه غير قادر على العطاء لسبب أو لآخر، ما يجعل الاستقالة في هذه الحالة أمرا اعتياديا الحدوث.

وأضاف د. آل مريع، أن مسألة استقالات أعضاء الأندية الأدبية، أمرا علينا استيعابه في سياقاته الطبيعية، بعيدا عن التوجه بأسبابه إلى الشخصنة والخلافات الشخصية، وعدم الإنسجام وما إلى ذلك، لأن ما يحدث في هذا الإطار يظل نادر الحدوث، وخاصة أن المقياس على الاستمرار تحدده قدرة العضو على العمل الثقافي، وإلى إسهامه في العطاء القادر على إقناع الآخرين بمناشدته بالبقاء عبر هذه المجالس، الأمر الذي لا يمكن معه - أيضا - أن نربط العمل المؤسسي الجماعي ببقاء عضو فيها أو مغادرة آخر.

من جانب آخر قال رئيس نادي حائل الأدبي الثقافي د.نايف المهيلب: الاستقالات في الأندية الأدبية - في تصوري - بأنها طبيعية الحدوث، إذا ما نظرنا إليها بوجه عام، وعطفا على ما نجده لها من حيثيات أو مبررات لأصحاب تلك الاستقالات، وبعيدا - أيضا - عن من قدموا استقالاتهم لأسباب حالوا من خلالها إخفاء ما يقف وراء استقالاتهم من أسباب حقيقية من خلال تجييرها باسم الاختلاف حول فعالية معينة أو برنامج ما.

وأضاف د. المهيلب قائلا: بما أن حديثنا - أيضا - بعيدا عن الشخصنة، أو تتبع استقالات في ناد أدبي بعينه، استطيع هنا أن أصنف أصحاب تلك الاستقالات إلى فئتين": الأولى منها، تتمثل فيما يغلب عليهم بشريحة الأكاديميين والأكاديميات، الذين استقالوا بعد مرحلة معينة نظرا لانتهاء فترة تفرغهم، أو دراسة ما، أو تكليفهم بمستجدات جعلتهم غير منتجين مع الأنية الأدبية ومن هنا توجهوا بتقديم استقالاتهم بعيدا عن أي خلاف شخصي، أو آخر يتعلق بسير العمل الثقافي.

أما الفئة الأخرى، فوصفهم د. المهيلب بأنهم شريحة يمكن وصفهم بأصحاب الظروف الاجتماعية شخصية أو أسرية، حتمت عليهم الانقطاع عن النادي، أو الانتقال إلى مدينة أخرى، ما جعل الاستقالة أمرا محتما لكون استمراهم مما يتعارض مع لائحة الأندية الأدبية، الذي يفترض في عضو النادي شروطا يتطلبها استمراريته في العضوية.

واختتم حديثه بأن تقديم الاستقالة من أجل الاختلاف حول الأفكار، فهذا ما لا يبعث على أن تكون الاستقالة حلا، لكون الاختلاف حول الأفكار والرؤى والاقتراحات خلافا موضوعيا، وظاهرة صحية، ومما يحتمله العمل الثقافي تجاه تنوع الاهتمامات الثقافية والمشارب الفكرية والأدبية.

كما اعتبر رئيس النادي الأدبي الثقافي بالحدود الشمالية ماجد المطلق، أن استقالات عدد من أعضاء مجالس الأندية الأدبية، لا يمكن أن يتخذ بعدا سلبيا مطلقا، نظرا لعدم ارتباط العمل في الأندية الأدبية بأشخاص دون آخرين، لكونه عملا جماعيا لا يمكن اختزاله في عضو دون آخر.

وقال المطلق: استطيع أن أصف ما حدث من استقالات أعضاء مجالس الأندية الأدبية في جانبين رئيسين: الأول منهما، أن العديد من الأعضاء المستقيلين وجدوا ربما في لائحة الأندية الأدبية ما يقيد العديد من تصوراته، وخاصة من يرى أن اللائحة لا تزال في تصوره شكلا من أشكال البيروقراطية، إلى جانب اشتغال شريحة من هؤلاء بإبداعهم الخاص الذي لا يتواكب مع ما يتطلبه العمل المؤسسي من حضور والتزام وعمل.

بينما وصف المطلق الفئة الأخرى من أصحاب الاستقالات، بأنها جاءت لوجود عدد من المستقلين ممن دخل إلى عضوية مجالس الأندية الأدبية كتجربة، ومن ثم خوض غمار العمل الثقافي من خلال الأندية الأدبية، التي لا يمكن الاستمرار فيها غالبا ما لم تكن الثقافة هما ورسالة وتحملا لما يتطلبه العمل الثقافي من أعباء، الأمر الذي يجعل الاستقالة أمرا لا مناص منه، وخاصة في ظل وجود أعضاء تم ترشيحهم وظلوا احتياطا، ما يجعل الاستقالة أمام هؤلاء أمرا بديهيا ومسألة سهلة.

أما رئيس نادي الطائف الأدبي الثقافي عطاالله الجعيد، فاستهل حديثه عن استقالات أعضاء الأندية الأدبية، مقسما هذه الظاهرة إلى جانبين، الأول منهما وصفه الجعيد بأنه يمثل بعدا سلبيا، عطفا على أن المثقفين الذين كانوا يطالبون بالانتخابات لتشكيل مجالس الأندية لم يصمدوا أمام هذا التجديد عندما دخلوا إلى مضماره العملي للإسهام في فعل ثقافي حقيقي.. مشيرا إلى أن شريحة من أعضاء مجالس الأندية الأدبية لم يشربوا ثقافة الانتخاب ومدى فاعليتها في خلق روح مبدعة قائمة على المشاركة الحقيقية التي انتخبوا من أجل القيام بما تؤمله الجمعيات العمومية للأندية خاصة وجمهورها الثقافي عامة.

وعن الجانب الإيجابي للاستقالات قال الجعيد: الاستقالة حلا إيجابيا لتقديم عمل مؤسسي قائم على تعاون ومشاركة فاعلة، إذ إن اللائحة تنص على قبول الاستقالات وعرضها على الجمعية العمومية ومن ثم البت فيها، فالمادة الثانية عشرة من اللائحة - على سبيل المثال - تنص على أنه يحق لمجلس إدارة النادي تعليق عضوية العضو غير الفاعل ومن ثم عرض مقترح إقالته على الجمعية العمومية.. الأمر الذي يجعل من الاستقالة تتيح حلا من جانب، وتفسح الفرصة لعضو آخر من جانب آخر.. ما يجعل الاستقالات من هذا المنظور بعدا إيجابيا يخدم في حقيقة الأمر العمل المؤسسي، بعيدا عما قد يتم تحميل الاستقالات من خلافات وشخصنة وغيرها.

وختم الجعيد حديثه مؤكدا أن استقالات كثير من أعضاء مجالس الأندية الأدبية، حتى ممن كان لهم إسهاماتهم نتيجة لعدم القدرة على الاستمرار في مشاركة المجلس القيام بما يتطلبه العمل في الأندية الأدبية من أعباء، وخاصة إذا نظر إليها بعضهم من خلال العائد المادي الذي لا يكاد يذكر، أو من خلال ارتباطاته العملية أو الوظيفة الأخرى، أو الظروف الاجتماعية التي تجعل من استقالة العضو في هذه الحالة حلا سليما وخطوة إيجابية.