• ×
الجمعة 19 رمضان 1445

تجارب كبائن الاتصالات والخضار تؤكدان النجاح

حصر الأنشطة الاقتصادية على السعوديين..أقصر الطرق للتوطين

حصر الأنشطة الاقتصادية على السعوديين..أقصر الطرق للتوطين
بواسطة fahadalawad 24-06-1434 04:51 صباحاً 606 زيارات
ثقة ج متابعات:  كان الوقت في العام 1417 مبكراً في نظر مراقبين لأن تلقى مسؤولية خط تجاري بأكمله على كاهل شبان سعوديين عاطلين عن العمل تتفاوت مؤهلاتهم الدراسية بين الابتدائية والثانوية، إلا أن القرار الحكومي كان جريئاً بحصر العمل في كبائن الاتصالات التي دشنت آنذاك على السعوديين فقط.

بدت التجربة مشجعة للغاية، فانتشرت الكبائن في الشوارع بشكل لافت موفرة أكثر من 16 ألف وظيفة لأبناء الوطن، ولم تمض أربع سنوات حتى جاء القرار الآخر بسعودة سوق الخضار الذي استوعب أكثر من 30 ألف شاب عاطل عن العمل، وقد سارت الأمور بشكل جيد، حتى بدأ خلل حكومي تنظيمي أضاع التجربتين معاً.

وبالرغم من ضياع المشروعين إلا أنهما يعدان نموذجاً مشجعاً، فقياساً على التجربتين يمكن اليوم أن يقرر المسؤولون قرارات جريئة لحصر أنشطة اقتصادية بعينها على السعوديين دون أن يضعوا أيديهم على قلوبهم كما فعلها المسؤولون الذين اتخذوا تلك القرارات قبل 17 عاماً، فسعوديو اليوم أكثر وعياً بأهمية العمل، وهم كذلك أكثر اكتواء بنار البطالة وحرقتها.

تبدو الظروف مهيأة اليوم لأن تتبنى وزارة العمل فكرة حصر العمل في أنشطة معينة في قطاع التجزئة على المواطنين، مما سيفتح مجالات كبيرة في سوق تسيطر فيه الشركات الكبرى على 30%، فيما يقع الباقي في أيدي العمالة المقيمة مستفيدة من مسألة التستر التجاري. وتشير تقارير أن قطاع التجزئة يعمل به مليون وخمسة آلاف أجنبي، فيما يبلغ عدد السعوديين العاملين به 195 ألف سعودي.

خوض التجربة

د. متعب الشمري، المختص في الموارد البشرية، قال إنه من واقع التجارب السابقة فإن السعوديين تجاوزوا نظرة التشكيك في جديتهم، وجاهزيتهم للعمل في ظل ارتفاع أرقام البطالة في البلاد.

وأضاف قائلاً: إنه بالنظر إلى تجارب خاضها السعوديون في ظل حماية حكومية مكنتهم من العمل بنجاح كبير، فإن ذلك يعني أن الشباب السعودي يمكنه أن يخوض تجارب أخرى في قطاعات تجارية معينة، من السهل العمل بها وتدر مداخيل مجزية تمكنهم من الاستمرار والتوسع في تلك الأنشطة.

وقال إذا نظرنا إلى قطاع التجزئة في بلدان كثيرة نجد أنه يمثل العمود الفقري لقطاعات العمل التي توفر وظائف للمواطنين في تلك البلدان، ففي فرنسا مثلاً تعد شركة كارفور إحدى أكبر الشركات المسيطرة على قطاع التجزئة، ومع ذلك نجد أن هذا القطاع يتضمن مواطنين كثرا هناك ويوفر لهم آلاف الوظائف.

وأضاف: أعتقد أن القطاعات التجارية التي من السهل العمل بها، ولا تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة سوف توفر آلاف الوظائف للسعوديين، وسيصبح المواطنون الباحثون عن وظائف أقلية بالنظر للفرص التي توفرها إتاحة الفرص للعمل في قطاع التجزئة، وهي أجدى وأسهل وأريح للمواطنين وللجهات الحكومية من مسألة فرض توظيف المواطنين على شركات القطاع الخاص.

وأكد أن تنامي ثقافة العمل الحر هي التي توفر فرص العمل الحقيقية لدى غالبية السكان في كثير من دول العالم، وقال: إن تعود أي شعب على أن يكون الفرد موظفا حكوميا، أو مجرد موظف في شركة تخلق دائماً أرقام بطالة مفزعة، إذ إنه من الصعب على أي حكومة أو حتى القطاع الخاص أن يوجد وظيفة لكل مواطن، من هنا تبدو فكرة مساعدة المواطنين على تبني مشاريع صغيرة في قطاعات تجارية نشطة، وتوفير الحماية من المنافسة من المقيمين، وكذا توفر وسائل التمويل، سيكون ذلك مؤثراً في سوق العمل، وسيخلق فرص عمل ستكون كفيلة باستيعاب أعداد هائلة من العاطلين عن العمل، كما أنها ستتيح فرصا لأولئك المواطنين أصحاب المشاريع الصغيرة أن يوظفوا مواطنين آخرين ممن لا يستطيعون فتح مشاريعهم الخاصة.

احتواء البطالة

د. عاصم عرب، أستاذ اقتصاديات العمل قال إن اقتصاد المملكة غني بالأنشطة المختلفة التي يمكنها أن توفر عوائد مجزية للمواطنين بما يتجاوز مداخيل الوظائف الحكومية بأضعاف كثيرة، مؤكداً أن قطاع التجزئة وحده كفيل بأن يحتوي طالبي العمل من المواطنين السعوديين في حالة تم تهيئة الأرضية المناسبة والدعم والحماية المطلوبة.

وأكد أن التجارب التي مرت بها المملكة في مسألة توطين الأعمال خلال العشر سنوات الماضية بدءاً بمشروع كبائن الاتصالات، وكذلك سوق الخضار، فإنه يمكننا اليوم أن نرى أن حصر العمل في أنشطة مزدهرة في قطاع سوق التجزئة على السعوديين هو أمر مهم في العملية التنموية الاستراتيجية، وهو كذلك يعني أننا سوف نحرر كثيراً من أبنائنا المواطنين من عقدة البحث عن وظيفة، وفتح آفاق العمل التجاري الحر أمامه بشكل يمكنه من تحسين ظروفه المعيشية من خلال ممارسة العمل التجاري في هذه القطاعات التجارية النشطة.

و قال: إن مبدأ إتاحة الفرصة للمواطنين للعمل التجاري الحر في قطاع التجزئة سوف تؤدي إلى نتائج جيدة، ولكنها لن تحقق تلك النتائج ما لم يتم تطبيق أنظمة الحماية للمواطنين بحزم، وأن تستمر تلك الحماية بشكل متواصل، وألا تكون فقط فترة معينة ثم تخفت، وينتكس مشروع الحماية مثلما حدث في سوق الخضار قبل فترة.

وأضاف: يجب أن يرافق الحماية كذلك تهيئة نظام السوق في البلد من حيث أوقات الدوام، فالمقيمون حين يكون لديهم بقالة أو محل فإنه يعمل به شخصان إلى ثلاثة أشخاص مما يعني أن ذلك المحل يفتح أطول فترة ممكنة، بينما الشاب السعودي حين يعمل بمفرده في محل فإنه من الصعب عليه أن ينافس أولئك المقيمين، من هنا يجب أن يحدد عمل المحال التجارية بما يساعد على عملية التوطين وضمان نجاحها.

وقال إن الشباب السعودي من أفضل الكوادر التي يمكن أن تعمل وتنتج في حالة إن توفر أمامها فرص، ودعم كاف، وعلينا جميعاً أن نقف وراء شبابنا وأن ندعمهم، وأن نساعدهم للخروج من مشكلة البطالة التي لها انعكاسات خطيرة على الفرد والمجتمع.

وأكد أن التمويل عامل مهم في تحفيز الشباب في حالة تم حصر أنشطة معينة عليهم، مطالباً أن تكون القروض ميسرة، وطويلة الأجل، ومن ضمنها حوافز للذين يسددون في أوقات قصيرة أن تسقط الجهة الحكومية الممولة جزءاً من ذلك المبلغ.

بيئة جاذبة

من جانبه قال صالح الجديعي مدير عام مجموعة الجديعي التجارية إن قطاع التجزئة في المملكة يعد من أضخم قطاعات التجارة في البلاد، مشيراً إلى أن الدراسات تشير إلى أن حجم هذا القطاع سيبلغ عام 2014م حوالي 276 مليار ريال، مما يعزز من مكانة هذا القطاع الذي يدر أرباحاً وفيرة.

وأضاف: إن قطاع التجزئة في كثير من بلدان العالم يشكل المجال الأكثر استيعاباً لعمل مواطني البلد بحكم تنوع خطوط هذا القطاع، وكذلك سهولة العمل به، وتنامي الفرص للعمل به باستمرار.

وأشار إلى أن قطاع التجزئة في المملكة يعد من أكبر أسواق المنطقة، ويحفل بفرص كبيرة يمكنها أن توفر للمواطنين فرص عمل كبيرة بعوائد مالية مجزية.

وشدد الجديعي على أن قطاع التجزئة يمكنه أن يستوعب أعداداً كبيرة من المواطنين من خلال دعم المشاريع الصغيرة وتوفير الحماية اللازمة للمواطنين المنخرطين في الاستثمار في تلك المشاريع وكذلك توفر قنوات التمويل الممكنة بغية دعم التجربة والمضي بها قدماً.

وقال: إنه يمكن من خلال حصر العمل في أنشطة تجارية معينة على المواطنين أن ينمي ذلك لديهم ثقافة العمل التجاري الحر، مما يؤدي إلى تراجع أعداد البطالة والباحثين عن العمل في الوظائف التقليدية.

وأكد إنه يمكن للقطاع الحكومي وكذا القطاع الخاص أن يدعم المواطنين في الدخول في قطاع التجزئة من خلال أشكال مختلفة من الدعم، وكذا المشاركة التي تساند وتساهم في نجاح المشاريع الصغيرة التي يبدأ بها المواطن، ثم لا تلبث أن تكبر في حالة إن وجدت الدعم المطلوب.