• ×
الجمعة 10 شوال 1445

أزمة الخادمات مستمرة!

أزمة الخادمات مستمرة!
بواسطة fahadalawad 16-03-1433 01:10 مساءً 810 زيارات
ثقة : الرياض (جريدة الرياض) أثارت أزمة شح الخادمات مخاوف واستياء كثير من الأسر، خاصة السيدات الموظفات، اللاتي يشكين ظاهرة هروب الخادمات من منازلهن، وتحديداً في ظل إيقاف إصدار تأشيرات استقدام العمالة المنزلية من «إندونيسيا» و»الفلبين»، إثر الشروط التي فرضتها الدولتان.

ونظراً للظروف المعيشية والحياتية تضطر العديد من الأسر إلى استئجار الخادمات، رغم أنه ليس تصرفاً نظامياً، الأمر الذي يوقعهم في مصيدة سماسرة الخادمات، خاصة ممن يقدمون خدماتهم بالساعة واليوم والشهر، بمبالغ مرتفعة، مستغلين حاجة الأسر الشديدة لهن.

وفي الوقت الذي يرجع فيه أصحاب «مكاتب الاستقدام» ارتفاع أسعار الخادمات المؤجرات إلى نقص المعروض في السوق، أكدت ربات منازل وموظفات على أنه يوجد «سوق سوداء» تتاجر بالمهربات، وتسويقهن بأسعار مرتفعة ترهق ميزانيات الأسر، مطالبين الجهات المعنية بفتح مصادر جديدة للاستقدام من دول أخرى، والحرص على حماية حقوق المواطنين بمراقبة مكثفة وقوية لسماسرة الخادمات، إلى جانب أهمية معاقبة المتسبب في عمليات الهروب، سواء للخادمات أو بعض المكاتب.

هروب ومسائلة

في البداية قالت «روزينا» -عاملة هاربة من إحدى الدول الأفريقية-:»أكملت ثلاثة أشهر التي حث عليها مكتب الاستقدام في بلدي، ورغبت أن أغير كفيلي بمميزات أفضل وراتب مغر، وقد اتفقت مع إحدى العاملات أن أكمل مدة الثلاثة أشهر، وهي فترة السماح بتغيير العاملة»، مبينةً أنه عند مغادرتها المنزل، شاهدها الأبناء عند الرصيف في انتظار سيارة صديقتها، مما أوقعها تحت طائلة المساءلة، مشيرةً إلى أن المكتب ينوي تسفيرها إلى بلدها، وهذا الأمر لا ترغبه، فقد تحملت الكثير في سبيل جمع مبالغ التأشيرة للعمل في المملكة، مؤكدةً على أنها عرفت الآن قيمة الوضع الذي كانت تتمتع به مع كفيلها السابق.

حقوق ضائعة

وعند سؤالنا لعدد من السيدات المتواجدات في المركز لاستلام خادماتهن، أوضحت «أم إبراهيم» أن المواطن ينتظر من يعوضه عند هروب خادمته، مشيرة إلى أن حقوق العاملات محفوظة، مضيفةً أنها وجدت مع خادمتها ورقة بها رقم جوال، وعند سؤالها عن هذا الرقم، أجابت أن أحد الأشخاص هو من أعطاها إياه، وطلب منها الاتصال به إذا لم يعجبها العمل عند الكفيل, موضحة أن ذلك يُعد تشجيعاً على الهروب، ويضر بالمواطن الذي تكبد عناء الانتظار، ودفع المبالغ، وفي النهاية يأتي من يأخذ خادمته بدون أدنى تعب, مطالبةً بوضع قوانين صارمة لاستقدام وترحيل الخادمات.

وأيدتها الرأي «أم محمد» التي أكدت على المعاناة التي يجدها المواطن عند استقدام الخادمة وترحيلها، إلى جانب التكاليف الباهظة، متسائلةً: لماذا أتحمل عبء تسفير خادمتي، وأرهق مادياً دون وضع حلول؟.

تعويض الخسائر

وأبدت «أم خالد» تخوفها من تأجير خادمتها الهاربة للآخرين دون علمها، أو نقل كفالتها، مضيفةً أنه لابد من إجراء يحمي المواطن في حال هروب خادمته، ويعوضه عن الخسائر المادية التي تكبدها، لافتةً إلى أن الإجراءات التي يمارسها مركز شؤون الخادمات مع الخادمة الهاربة ليست جيدة.

وأكدت «سلوى محمد» -موظفة- على أن هنالك فوضى وعدم تنظيم، وكثيراً ما تهرب الخادمة بعد وصولها إلى الكفيل بعد يوم أو يومين، الأمر الذي يثبت وجود النية للهروب، مبينةً أن بعض الخادمات يأتين ومعهن أرقام وعناوين أشخاص ينتظرونهن، لتشغيلهن براتب أعلى من راتب الكفيل الذي استقدمها، ذاكرةً أن مما يزيد معاناة المواطنين هو طريقة إجراءات التبليغ عن الخادمة الهاربة.

قانون صارم

وقالت «أم سعود» -موظفة-: إن العمالة المنزلية أصبحت عملة نادرة، بل ويصعب البحث عنها، وخصوصاً بعد وقف الاستقدام من بعض الدول الآسيوية، مضيفةً أنه نظراً لعدم قدرة الأسر على الاستغناء عن الخادمات، فإن البعض يلجأ للاستئجار بنظام الساعة، والتي قد يصل سعرها إلى (25) ريالاً، الأمر الذي يرهق ميزانية الأسر، خاصةً محدودة الدخل، مؤكدةً على أن راتبها لا يتجاوز (6000) ريال، ولديها طفلان، ووجود خادمة في المنزل بالنسبة لها أمر في غاية الضرورة، إضافةً إلى أنها تعاني من إيجاد البديل بأسعار منخفضة، خاصةً بعد ارتفاع أجور الخادمات الآسيويات مؤخراً، والتي تصل من (1700) ريال إلى (2500) ريال شهرياً؛ بحسب الجنسية.

وأوضحت «خلود عبدالله» -موظفة- أنها تعاني كثيراً من هروب الخادمات، الأمر الذي يتطلب إيجاد قانون صارم يحمي المواطنين، مشيرةً إلى أن الأزمة ستتفاقم ما لم يتم الوقوف عليها بحزم.

محاكم خاصة

وقال الأستاذ «سعد البداح» -رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية-: في حال رفض المستقدم العمل أو هروبه في الثلاثة أشهر الأولى، يضمن مكتب الاستقدام حق العميل، مضيفاً أنه بعد انقضاء هذه المدة، يجب أن يكون هناك ضمانات، كأن تلزم سفارة بلد العامل بتحمل المسؤولية، مبيناً أنه لابد من عمل محاكم خاصة بهؤلاء، يحاكم من يهرب أو يرفض إكمال العقد بدون سبب، وعند إصدار الحكم عليه تدفع سفارة بلده قيمة التذكرة، إلى جانب ما دفعه العميل، ثم تطالبه دولته بما دفعت له، وذلك ما هو معمول به في سفارات المملكة في الخارج، في حالة وجود التزام مالي على أحد المواطنين، ذاكراً أنه لو طبق هذا النظام لتقلص عدد الرافضين لإكمال العقد والهاربين.

قضايا تختلف

وحول المخارج القانونية التي من المفترض أن يلجأ لها رب العمل لاسترداد حقه في حالة هروب الخادمة، قال «بدر بن فرحان الروقي» -محامٍ ومستشار قانوني-: أنه يجب على الكفيل عمل عدد من الإجراءات في حال هروب العامل، أولها التبليغ لدي المديرية العامة للجوازات قسم الترحيل، مضيفاً أن قضايا هروب العاملات في المحاكم تختلف في سبب الهروب، فإذا كان بقصد التخفي، فالإجراء السابق يحفظ حق رب العمل، أما إذا كان الهروب بسبب مطالبة مالية أو جريمة أخلاقية أو إيذاء جسدي، فالمحكمة العمالية تفصل فيها أو تحيلها إلى المختصة إذا لم تكن الشكوى من اختصاصها.

ضعف التواصل

وعلى الرغم من السرد المعلوماتي للأنظمة والإجراءات، إلاّ أن الموقع الالكتروني للإدارة العامة لشؤون الوافدين، لم يتطرق إلى الخطوات النظامية لترحيل الخادمات، وضمان حق الكفيل ببلاغ ترحيل أو بقاء خادمته داخل المملكة، كما أن الاستفسارات عبر الموقع الالكتروني كانت بوجه آخر؛ لضعف التواصل مع الكفيل، فبعد محاولة إرسال استفسار الكتروني عبر الموقع لم تصلنا الإجابة، رغم أن الاستفسار اقتصر على إجراءات ترحيل الخادمات المنصوص عليها في النظام، واكتفى الموقع بإضافة نماذج الطلبات من استقدام العمالة وطلب التأشيرة وخطاب التعهد، إضافةً إلى شروط الاستقدام وخطاب التعهد وشروط الزيارة والمهام والمسؤوليات الإشرافية للإدارة العامة لشؤون الوافدة.

غير مدربة

وحول تحويل مكاتب الاستقدام إلى مكاتب تأجير كحل للأزمة الراهنة، قال «أحمد فراج» -موظف في مكتب استقدام-: أنها ليست مهمة بسيطة وسهلة، فكما هو معروف أن العمالة الرجالية مصرح بها نظام التأجير، لكن العمالة النسائية تدخل من ضمنها الإيواء والإعاشة، وهذا سيدخلنا في محاذير شرعية وأخلاقية ونظامية، مضيفاً أنه على الرغم من تأخر اللجنة الوطنية للاستقدام في فتح باب الاستقدام من دول أفريقية، إلاّ أن المعروض كان عمالة غير مدربة وغير مؤهلة، إلى جانب قلة العدد مقارنة بدول آسيوية، والتي تعودت عليها الأسر، بل ويسهل التعامل معها وتعليمها العربية، فضلاً عن أن عمالتها من المسلمين.

وأكد «عبدالله الحمدان» -صاحب مكتب استقدام- على أن تفاقم الأزمة بات جلياً عقب إيقاف الاستقدام من «إندونيسيا» و»الفلبين»، الأمر الذي خلّف أزمة خادمات لدى الأسر، وظهور ما يسمى بمكاتب استقدام تتلاعب بالمواطنين دون رادع أو محاسبة، متأسفاً على وجود بعض المكاتب التي جلبت السمعة السيئة، وهي في حقيقة الأمر مكاتب خدمات غير مرخصة باستقدام العمالة، وهنا يظهر حرص المواطن ونباهته للأمر، مشدداً على أهمية التأكد من رقم الترخيص في السجل قبل الشروع في إجراءات الاستقدام، كما أن بعض المكاتب لا يُحوِّل المبالغ المتفق عليها مع العميل مباشرةً، بل يؤخرون المبلغ للمتاجرة به، مطالباً بوقفة حازمة في وجه تلك المكاتب غير المرخصة، والتي تؤخر إجراءات العميل، وبالتالي تتأخر في جلب العمالة المنزلية.


إعلانات غامضة

وأوضح «أحمد الغامدي» -مسؤول في أحد مكاتب الاستقدام- أن العمالة تدرك للأسف غياب المسؤولية في حل المشكلة، فتهرب لمجرد الحصول على عرض عمل آخر براتب أكثر، يقابله رضا من العميل الآخر الذي يتلقفه برحابه صدر، في ظل غياب الإجراءات الصارمة، مضيفاً أن الإعلانات الغامضة اليومية التي تعلن عن توفر عمّال وعاملات في كافة المهن وخصوصاً المنزلية، تجد الطلب، لافتاً إلى أنه من المهم إيقاف الإعلانات فوراً؛ لأنها الوسيلة الأسرع في تشغيل العمالة، إلى جانب أنها تستغل حاجة الكثير من الأسر، مشدداً على ضرورة معاقبة كل من يغري ويؤوي الهاربين بعقوبات مالية كبيرة، عندها ستكون النتيجة ايجابية للغاية.