• ×
الجمعة 10 شوال 1445

بطاقة الأحوال المدنية للمرأة.. «ضرورات ملحة» تفرض تحويل قرار استخراجها من «الاختياري» إلى «الإلزامي»

بطاقة الأحوال المدنية للمرأة.. «ضرورات ملحة» تفرض تحويل قرار استخراجها من «الاختياري» إلى «الإلزامي»
بواسطة fahadalawad 10-04-1433 11:49 صباحاً 835 زيارات
ثقة : أ (الشرق)  حرصت الدولة على حفظ كافة حقوق المرأة السعودية، ومنحتها الحق في استخراج البطاقة المدنية، منذ أكثر من عشر سنوات، لكن القرار كان اختياريا، ويخضع لموافقة أولياء الأمور، الأمر الذي لم يثمر كثيراً في مناطق يغلب عليها الفكر الاجتماعي المعارض لها ابتداء من وجود صورة المرأة عليها وانتهاء برفض فكرة أن تستقل المرأة ببطاقة هوية خاصة بها.
«الشرق» فتحت ملف تأخر إلزام النساء ببطاقة الأحوال، وطرحت العديد من الأسئلة حول هذه القضية، ومدى تقبل أولياء الأمور لها، بعد ما أصبح واقع غياب بطاقة الأحوال طريقا سالكا للتحايل على القانون، وباتت الصحف المحلية وبعض المواقع الإخبارية الإلكترونية المتخصصة تطالعنا بعدد من قصص الخلوة غير الشرعية وهروب الفتيات وإن لم تشكل ظاهرة كما يؤكد بعض المختصين، ورصدت «الشرق» عددًا من آراء النساء صاحبات الشأن والمختصين الذين أكدوا على أهمية وجود إثبات إلزامي للمرأة السعودية، وأنها أصبحت ضرورة ملحة في ظل ازدياد الاحتياجات والتطور الكبير الذي طرأ على متطلبات الحياة الحديثة من عمل وسفر، وعلاج، ومعاملات بنكية، وغيرها.
كرت العائلة

تقول هند أحمد «لجأت للبطاقة بعد أن تعثرت معاملاتي وتعطلت بسبب كرت العائلة، ‏والمعرف، الذي كان لا يستطيع الحضور معي في كل ما أقوم به لسفره الدائم مع أختي ‏المريضة واحتياجات العلاج المستعجلة، الأمر الذي عطل أعمالي واضطرني لتأجيلها». أما ‏وسام علي فتقول «بعد استخراجي للبطاقة أشعر بحرية تامة وأقوم بأعمالي بكل ثقة متأكدة من ‏إنجازها وعدم تعثرها بسبب كرت العائلة المرتبط به عدد كبير من الأبناء، والكل يريد أخذه ‏لإنجاز أعماله، ولأول مرة أقترض من البنك دون تعقيدات، وأبدأ خطة مشروعي ‏مكتفية بنفسي في استخراج التصاريح، ومزاولة نشاطاتي».‏
إجراءات ‏طلاق

وتؤكد سلمى محمد (إحدى المراجعات للأحول المدنية) أن مراجعاتها المتكررة ‏للمحاكم، لرغبتها في الطلاق، ووالدها العاجز الذي لا يستطيع الحضور الدائم معها، ‏اضطرها لطلب بطاقة الهوية المدنية الخاصة بها حتى تستطيع إكمال إجراءات ‏طلاقها، وما يلزمها من أمور.
وترى ليلى خالد(موظفة بنك) أن الهوية الوطنية للمرأة ‏ملزمة لهن، مشيرة إلى أن البطاقة سهلت لها كثيرا من الإجراءات البنكية، من حيث أخذ القروض، وفتح الحسابات، والإيداعات ‏البنكية».‏
رفض وقلق

ويبدي المعلم محسن العطيف قلقاً من إلزام النساء ببطاقة الأحوال، فهو يفضل استبدالها ‏بالبصمة، كما أنه لا يرى لها أهمية قصوى، ولا يعتقد أن جميع النساء في حاجة لها، ‏ويفضل عدم إلزامها إلا لمن لديها ضرورة ملحة كوجود أب عاجز أو أخ ‏متسلط، مؤكداً أنه لن يسمح لزوجته بها، ويشاركه الرأي سلطان.س في استبدالها بالبصمة، ‏لكنه يرى أهميتها، ويؤيدها لكن بشرط الضرورة الشديدة، ويظن أن ‏أخواته لا يحتجنها ولا يفضلن إصدارها، كما أنه لن يسمح لهن بها إلا في حال إلزامها، ويرفضها أبو جبريل «70عاما» بشدة قائلاً «حتى لا تخرج المرأة متى شاءت ‏وتفعل ما تريد وتسافر بدون محرم وتستغني عن الرجل، وأنا مستعد أن أكفل لبناتي ‏عدم تعطل أية إجراءات يقمن بها »‏.
‏قصة محزنة

وأيد الممرض (خالد.ج) فكرة إلزام النساء ببطاقة الأحوال، مبيناً أنه سيسمح لزوجته وبناته بإصدارها، وذكر ‏قصة محزنة حدثت قبل عشر سنوات لأحد معارفه الذي توفي والده مخلفا لهم أراضي ‏وأرصدة في البنوك، وحاول مع أخته حتى تتنازل عن نصيبها له وحين رفضت قام ‏بالاتفاق مع زوجته وذهب للمحكمة بكرت العائلة معرفا زوجته بأخته وتنازلت له عن الإرث، وحين علمت الأخت صدمت وكانت صدمتها كبيرة حين طردها حتى من ‏منزلها، ولم تكن النساء يرفعن القضايا على إخوتهن في ذلك الوقت فمرضت وماتت ‏مقهورة.
حرمان من الإرث

وسرد (زياد.ب) قصة حرمانه من الإرث قائلاً «تزوجت من قريبتي، ولم تمض ‏شهور حتى دبت الخلافات بينها وبين والدتي، وطلبت مني أمي أن أطلقها ‏فرفضت، وحاولت إصلاح ما فسد بينهما، لكن أمي لم تتقبل الوضع كوني ابنها الوحيد ‏ولم تتقبل فكرة زواجي واستقلاليتي فطلبت مني تطليقها أو حرماني من الإرث وحين ‏لم أستجب لها، أخذت إحدى صديقاتها للمحكمة على أنها أختي وباعت لها كل ما تملك ‏حتى تحرمني، ولم تعلم أختي بذلك إلا بعد وفاة والدتي».
استغلال الأجنبيات

وقالت أريج (صاحبة مشغل خياطة) «أتمنى أن تصبح بطاقة الأحوال إلزامية للنساء لأن هناك بعض النساء الأجنبيات يسافرن بأسماء صديقاتهن ببطاقة العائلة التي لا تحمل صوراً ولا أحد يستطيع أن يكتشفهن، إما لتستفيد من اسم صديقتها بتخفيض الطيران أو لأن ليس لديها إقامة وهذا تسيب ولابد من أن تصبح البطاقة إلزامية للجميع»، وشاركتها أم محمد ربة منزل قائلة «ليس هناك فائدة كبيرة من بطاقة الأحوال للنساء فهي لم تفعل بطريقة صحيحة لأن كثيرا من المعاملات نقوم بها نحن النساء ببطاقة العائلة، ومن وجهة نظري إما أن تصبح إلزامية وتفعل بطريقة أكثر دقة من الآن أو أن تلغى ويبقى التعامل ببطاقة العائلة».
حفظ حقوق

وأبدى أبو عبدالله تأييده لاستخراج البطاقة للمرأة قائلاً «أنا مع استخراج بطاقة الأحوال وإلزاميتها فهي تفيد المرأة في أمور كثير وتحفظ لها حقوقها، ولكن لدي ملاحظة مهمة فبدل صورة المرأة يستطيعون أن يضعوا بصمتها؛ حتى لا تضطر المرأة أن تكشف وجهها لأي موظف كان لتثبت له أنها هي صاحبة الهوية»، وقال هاني «بطاقة الأحوال سلاح ذو حدين فهي مفيدة وضرورية للنساء خاصة اللائي ليس لديهن محرم فهي تفيدهن في حل كثير من الأمور، ولكن لا أؤيدها لأن غالبية العاملين بالوزارات والبنوك وشركات الاتصالات رجال ولا بد أن يجبرها على أن تكشف عن وجهها حتى يتأكد من أنها صاحبة الهوية وهذا غير منطقي ولا يسمح به ».
درس قاس

وتقول عائشة محمد «رشحت لوظيفة تعليمية وحدث أن صادف ذلك فترة طلاقي من زوجي الذي استغل الوضع للانتقام مني فرفض وبشدة إعطائي «كرت العائلة» فخسرت الوظيفة حينها إلا أن ما حصل كان درساً قاسياً كافياً لأن أستخرج «بطاقة أحوال» على الفور، أما سعود العنزي فيقول: «إن دراسة ابنتي في الجامعة خارج مدينة تبوك اضطرتني أن أستخرج لها بطاقة أحوال ليسهل عليها مزاولة أمورها الشخصية دون تعقيد وإلزامي بالحضور خاصةً وأنا بعيدٌ عنها».
خط مفوتر

يقول سلطان الشهري (أحد موظفي شركة الاتصالات السعودية) «حضرت لدينا في الفرع سيدة سعودية تريد الحصول على خط مفوتر ولأنها لا تملك بطاقة هوية وطنية رفضت التعاون معها وطلبت أن تحضر معرف مع ضرورة إحضار بطاقة العائلة لكن عندما بدأت تسرد حاجتها الماسة مع ظرف خاص بها وافقت وقمت بخدمتها كعميلة للفرع لكن ما حدث أنني تفاجأت بعد سنة وستة أشهر تقريبا بأن السيدة لم تقم بتسديد فاتورتها التي بلغت 3689 ريال ولتعذر التوصل لها أجبرت من قبل الشركة بتقسيط فاتورتها من راتبي ما دفعني لترك العمل بعد ذلك».
نواحي أمنية

وأكد مدير الشؤون الإعلامية بشركة الاتصالات السعودية نواف الشعلاني، أحقية المرأة في مراجعة مكاتب الخدمة النسائية والاستفادة من جميع خدمات الشركة المقدمة وقال «لا تفرقة لدينا بين العملاء من حيث النوع ذكرا كان أم أثنى» وأضاف «يمكن للمرأة طلب إجراء خط تأسيس حسب النظام بطريقتين اختياريتين حسب إثباتها فإما أن تستخدم بطاقة الهوية الوطنية أو تستخدم بطاقة العائلة مع شخص معرف لها وذلك حسب هيئة الاتصالات، لكن ما يحدث أحيانا -وهذا نادر الحدوث- أن يقوم الموظف بتأسيس خط لعميل رجلا كان أم امرأة وأوراقه غير مكتملة وهذا ما لا تتهاون فيه الشركة ليس للوضع المادي فحسب بل لأجل النواحي الأمنية».
حقوق مالية

وترى المحامية سامية زمزمي أن حصول المرأة على بطاقة الهوية الوطنية بات أمرًا ضروريًا وذلك لأسباب كثيرة منها حفظ حقوق المرأة المالية في العمليات المصرفية ولاسيما في عملية الأسهم التي يتاجر فيها بأسماء نساء لا علم لهن، بالإضافة إلى أهميتها الآن في مواصلة التعليم وكذلك في التوظيف فقد أضحت البطاقة مطلباً أساسياً لدى بعض الشركات».
وأشارت إلى «خطورة القضايا الأخلاقية التي تتم باستغلال دفتر العائلة لدى الفنادق بغرض الخلوة، مبينة أن ذلك واقع يجب ألا ننكره لكنه لا يرقى إلى ظاهرة وأن عدم وجود بطاقة للنساء يسهل عملية هروب الفتيات»، وأضافت «الحل من وجهة نظري يتمثل في حصول المرأة على بطاقة الهوية الوطنية بشكل إلزامي مع ضرورة إلزام الزوج بإحضار صورة عقد النكاح لمطابقة اسم الزوجة مع صاحبة البطاقة لدى استقبال الفنادق».
إثبات شخصية

ويقول رئيس المحكمة الجزائية بجازان الشيخ علي شيبان العامري «إن بطاقة الأحوال ‏المدنية هي هوية تثبت شخصية حاملها، ذكرا كان أم أنثى، وإذا حملت المرأة هذه الهوية ‏لإبرازها في المحاكم وغيرها سهلت عليها أموراً كثيرة، وساعدتها في قضايا عديدة ‏متعلقة بجميع ما يصل للمحكمة من أمور يحكم فيها سواءً تعلق بالإرث أم بغيره، ولم ‏نصادف أية قضية متأزمة لعدم وجود معرف أو هوية، والمرأة حين تراجع المحكمة ‏تأتي مع ولي أمرها دائما، وتعطى الأولوية في الكشف عن وضعها، وبت شكواها، ولم يحصل أن تأخر لها أي طلب، وأدعو كل أب أو أخ أو زوج أن يتقي الله فيها ويعطيها ‏حقها».

الهوية الوطنية

وأكد المتحدث الرسمي للأحوال المدنية محمد بن جاسر الجاسر أن بطاقة الهوية الوطنية للمرأة هي إثبات معتمد لدى كافة الجهات الرسمية التي تتقدم المرأة بطلب خدماتها وهذه الجهات معنية بتوفير عنصر نسائي يتولى المطابقة و التأكد من عائدية البطاقة للمرأة المتقدمة بطلب الخدمة و بطاقة الهوية الوطنية التي اعتمدت لتكون إحد المرتكزات الأساسية لتطبيق الحكومة الإلكترونية وخدماتها وهي بطاقة إلكترونية ذكية تُعرِّف بالمواطنة و صممت لتستوعب العديد من الخدمات التي يمكن أن تُضمَّن في بطاقة واحدة، كما تمت مخاطبة الجهات ذات العلاقة لتفعيل دور هذه البطاقة كإثبات مقبول يثبت هوية المرأة وبيانات سجلها المدني عند تقديمها لهذه الجهة».
إقبال متزايد

وقال الجاسر «إن بطاقة الهوية الوطنية النسائية تشتمل على بصمة وصورة لوجه المرأة وهي بذلك تحُول دون انتحال شخصيتها الذي يؤدي إلى الإضرار بها وبمصالحها كما تحُول دون التلاعب الذي تواجهه بعض الجهات» وأضاف «منذ بدء إصدار البطاقة عام 1422هـ والإقبال عليها في تزايد وقد واكبت الأحوال المدنية هذا التزايد بعدة إجراءات شملت التوسع في افتتاح الأقسام النسوية الملحقة بفروع ومكاتب الأحوال المدنية لمقابلة الطلب المتزايد وللتيسير على المواطنات بحصولهن على الخدمة بمقر إقامتهن فمن خمسة أقسام نسوية تم افتتاحها عام 1422هـ وصل العدد حالياً إلى أكثر من عشرين قسما، وسوف يتم افتتاح المزيد من الأقسام النسوية خلال المرحلة المقبلة، وإتاحة المجال للمرأة المقيمة في مدينة لا يوجد فيها قسم نسوي للحصول على البطاقة من أقرب قسم نسوي لها أو أي قسم آخر ترغب التقدم له في ظل إجراءات ميسرة تراعي قدومها من مدينة أخرى، وسيتم قريبا -بإذن الله تعالى- تقديم الخدمة للمواطنات اللاتي لا تتوافر في محافظاتهن أو المراكز التابعات لها أقسام نسوية من خلال وسائل حديثة اعتمدتها الأحوال المدنية تشمل المكاتب والعربات والكاميرات المتنقلة».
صعوبة الإلزام

وبيَّن مدير عام فرع الأحوال المدنية بالدمام محمد العواص أن المكتب يصدر يوميا بين 140 150 بطاقة أحوال للنساء، وخلال الأسبوع يصل العدد إلى أكثر من 700 بطاقة للنساء، وقال «نستقبل حالات كبيرات السن من مسافات بعيدة كالخفجي وحفر الباطن وتكون لهن الأولوية وقد يصل عددهن من 20 الى 30 امرأة يوميا»، وعن ضرورة إلزامية البطاقة للمرأة قال «دائما عندما نبدأ بمشروع جديد أو أي طلب جديد من الصعوبة أن تلزم فيه الناس وليس من الصحيح إلزام الناس بأي إجراء جديد بل نجعله اختياريا، ومن ثم يلزم الشخص نفسه باستخراج الهوية، فالإلزام لايأتي بنتيجة».
متطلبات الحياة

ونوَّه العواص إلى أن الهوية الوطنية تسهل على المرأة كثيرا من الأمور حيث تستطيع أن تسجل أبنائها إذا كان الأب غائباً، وكذلك تسجيل واقعة الزواج إذا كان الخطيب مبتعثا أو غير ذلك، وكذلك إذا أكمل الابن 15 سنة تستطيع استخراج هويته سواء كان يتيما أم بالمستشفى وكل ما عليها هو مراجعة قسم النساء، وسيتم مساعدتها وخدمتها على أكمل وجه، وأضاف «ولاة الأمر لم يلزموا المرأة السعودية بالهوية الوطنية ولكن متطلبات الحياة هي التي جعلت المرأة تحرص على استخراج هوية وطنية.
مجتمع محافظ

وقال مدير مكتب أحوال تبوك سعود الغيثي «المجتمع السعودي باعتباره مجتمعا محافظا مازال يفكر في موضوع صورة المرأة وكثير منا يعتقد أن البطاقة لا حاجة لها وبعضنا يرى أن مجرد حصول المرأة على هوية مستقلة أنها صارت خارجة عن تصرفه وأن ذلك يهزُّ شخصيته، ولم يصلوا إلى درجة معرفة أهمية الهوية الوطنية للمرأة وما تحفظ لها من حقوق» ويضيف «علماً أن من يقوم باستقبالها وتصويرها وتسليمها جميعهن نساء ولا تقابل الرجال قطعياً، فتكون إلزامية متى ما وصل المواطن إلى الوعي الكافي بأهمية الهوية للمرأة، كما أن عدد الحاصلات على الهوية الوطنية في تبوك حتى الآن(16770) سيدة».