• ×
الخميس 16 شوال 1445

منى ، وعرفات ، ومزدلفة ، محطات في ذاكرة كل حاج

مكة المكرمة مهبط الوحي وقبلة المسلمين ..تاريخها ومعالمها

مكة المكرمة مهبط الوحي وقبلة المسلمين ..تاريخها ومعالمها
بواسطة fahadalawad 24-12-1439 04:38 مساءً 1.4K زيارات
ثقة : مكة المكرمة واس مكة المكرمة أشرف البلدان وخير الأماكن، والبلد الحرام اختارها الله سبحانه وتعالى مهبطاً للوحي وقبلة للمسلمين وجعل فيها العديد من المناسك لعباده .

ويرجع تاريخ تأسيس مكة المكرمة إلى ما قبل ميلاد النبي إسماعيل وقيامه مع أبيه النبي إبراهيم - عليهما السلام - برفع أساسات الكعبة، وكانت مكة المكرمة في بدايتها عبارة عن بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت، أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد نبي الله نوح - عليه السلام - ، وأصبحت المنطقة بعد ذلك عبارة عن وادٍ جاف تحيط بها الجبال من كل جانب
.
وإلى هذا الوادي بدأ الناس بالتوافد والاستقرار فيه، بعدما تفجر بئر زمزم في القصة المشهورة عندما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنه إسماعيل امتثالاً لأمر الله تعالى، ومن ثم رفعت قواعد الكعبة، إذ حلت بمكة جماعة من قبيلة جرهم .

وتضم مكة المكرمة العديد من المعالم الإسلامية المقدسة، من أبرزها المسجد الحرام وهو أقدس الأماكن في الأرض بالنسبة للمسلمين، ذلك لأنه يضم الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في الصلاة، كما أنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، بالإضافة إلى ذلك، تعد مكة مقصد المسلمين في موسم الحج والعمرة.

ومن أبرز المعالم في المسجد الحرام، الكعبة المشرفة، موضع تعظيم وإجلال الناس والولاة على مكة المكرمة، يعمرونها ويجددون بنيانها عند الحاجة، ويكسونها، ويحتسبونه فخرًا وتشريفًا لهم، حتى جاء الإسلام فزاد في تشريفها، وحث على تعظيمها، وتطهيرها، وكساها النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده.

وفي داخل الكعبة أعمدة خشبية ثلاثة تحمل سقف الكعبة المشرفة، وهي من أقوى أنواع الأخشاب التي لا يعرف مثلها، وهي من وضع عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-، أي أن عمرها أكثر من 1350عامًا، وهي بنية اللون تميل إلى السواد قليلاً، ومحيط كل عمود منها 150سم تقريبًا، وبقطر 44سم، ولكل منها قاعدة مربعة خشبية منقوشة بالحفر على الخشب، ويوجد بين الأعمدة الثلاثة مداد معلق فيه بعض هدايا الكعبة المشرفة، ويمتد على الأعمدة الثلاثة حامل يمتد طرفاه إلى داخل الجدارين الشمالي والجنوبي.

أما أرض الكعبة المشرفة فهي مفروشة بالرخام وأغلبه من النوع الأبيض والباقي ملون، وجدار الكعبة المشرفة من داخلها مؤزر برخام ملون ومزركش بنقوش لطيفة، وتغطى الكعبة المشرفة من الداخل بستارة من الحرير الأحمر الوردي مكتوب عليها بالنسيج الأبيض الشهادتان، وبعض أسماء الله، وكسي بهذه الستارة سقف الكعبة المشرفة أيضًا.

وشهدت الكعبة المشرفة عناية فائقة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ ، تمثلت في ترميم الكعبة ترميمًا شاملاً لم يحدث مثله منذ سنة 1040هـ، حيث جاء أمره الكريم بعمل ترميم شمل كل أجزاء الكعبة المشرفة من الداخل والخارج.

أما الحِجْر فهو الحائط الواقع شمال الكعبة المشرفة، وسمي حِجْرًا ؛ لأن قريشًا في بنائها تركت من أساس إبراهيم عليه السلام، وحجرت على المواضع؛ ليعلم أنه من الكعبة.

ومن المعلوم أن قريشًا حينما بنت الكعبة استقصروا من بنيان الكعبة المشرفة ، كما روت عائشة -رضي الله عنها- قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن قومك استقصروا من بنيان البيت ، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه ، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي ما تركوه ، فأراها قريبًا من سبعة أذرع ".

وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ عمّر الحِجْر سنة 1397هـ تعميرًا في غاية الجمال والإتقان ، وفرشت أرضه بالحجر البارد ، كما هو في أرض المطاف، وجعل على جداره ثلاثة فوانيس معدنية في غاية الجمال، تضاء بالكهرباء ، وبعد الترميم الشامل للكعبة المشرفة الذي تم في عهد الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - ، تمت إزالة الرخام القديم لجدران وأرضية الحجر، واستبداله برخام جديد ، كما تم تنظيف الفوانيس الموجودة على الجدران وإعادتها إلى موقعها السابق، وتم عمل حاجز من الحبال لمدخل الحجر متين القوام ، منمق الشكل يتناسب مع مكانة الحجر وتعظيمه ، ويفتح الحاجز بصورة دائمة ، ويغلق عند الحاجة فقط .

أما "الحجر الأسود" فهو يقع في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة من الخارج وهو نقطة بداية الطواف ومنتهاه، ويرتفع عن الأرض مترًا ونصف المتر، وهو محاط بإطار من الفضة الخالصة صونًا له، ويظهر مكان الحجر بيضاويًّا.

وأما باب الكعبة المشرفة يقع في الجهة الشرقية منها، وهو يرتفع عن الأرض من الشاذروان (222سم) ، وطول الباب نفسه (318سم) ، وعرضه (171سم) ، وبعمق ما يقارب نصف متر، وكان للكعبة المشرفة فتحة للدخول إليها، صنع لها باب، وهذا الباب له تاريخ طويل ربما يمتد قدم الكعبة المشرفة.
وفي عهد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيّب الله ثراه ـ تم تركيب بابين للكعبة الأول كان عام 1363هـ ، حيث تم صنع باب جديد من الألمونيوم بسمك(2.5)سم، وارتفاعه(3.10)م ، ومدعم بقضبان من الحديد، وتمت تغطية الوجه الخارجي للباب بألواح من الفضة المطلية بالذهب، وزين الباب بأسماء الله الحسنى ، أما الباب الثاني: وهو الموجود حاليًّا ، وكان قد أمر بصنعه الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ من الذهب الخالص.

وأما ميزاب الكعبة المشرفة فهو الجزء المثبت على سطح الكعبة في الجهة الشمالية ، والممتد نحو الحِجْر ، والمصرف للمياه المتجمعة على سطح الكعبة عند سقوط الأمطار أو غسل السطح إلى حجر الكعبة، وأول من وضع ميزابًا للكعبة المشرفة قريش حين بنتها وجعلت لها سقفًا ، وطوله 258سم مما هو داخل في جدار الكعبة ، وعرض بطنه 26سم ، وارتفاع كل من جانبيه 23سم ، ودخوله في جدار السطح 58سم.

وصنع ميزاب الكعبة من الذهب الخالص، مبطناً من الداخل بالفضة الخالصة السميكة، يعني أن الذهب محيط بالفضة من بطنه وجانبيه.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ ، تم استبدال الميزاب القديم لسطح الكعبة المشرفة بآخر جديد أقوى وأمتن بمواصفات الميزاب القديم نفسها.
وأما الملتزم فهو مكان الالتزام من الكعبة فيما بين الحَجَر الأسود وباب الكعبة المشرفة ، وسمي بالملتزم لأن الناس يلزمونه ويدعون الله عنده .

وقد وردت الآثار الصحيحة عن الصحابة رضي الله عنهم أن الملتزم هو تلك المنطقة التي بين الحَجَر الأسود وباب الكعبة .

وأما الركن اليماني فهو ركن الكعبة المشرفة الجنوبي الغربي ، ويوازي الركن الجنوبي الشرقي الذي يوجد به الحجر الأسود ، وهو يسبق الحجر الأسود في الطواف ، ويسمى بالركن اليماني ؛ لأنه باتجاه اليمن .

وأما الشاذروان فهو الوزرة المحيطة بأسفل جدار الكعبة المشرفة من مستوى الطواف، وهو مسنم الشكل ومبني من الرخام في الجهات الثلاث ، ما عدا جهة الحِجْر، ومثبت فيه حلقات يربط فيها ثوب الكعبة المشرفة ولا يوجد أسفل جدار باب الكعبة المشرفة شاذروان .
وآخر تجديد للشاذروان كان في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - أثناء الترميم الكبير للكعبة المشرفة ، حيث جدد رخام الشاذروان القديم برخام جديد يحاكي ألوان ونوعية الرخام القديم ، مع المحافظة على الرخامات القديمة الموجودة تحت ناحية باب الكعبة، وهي رخامات جميلة ونفيسة ومحافظة على جودتها ومتانتها .

ومن المعالم في المسجد الحرام ماء زمزم المبارك المعجزة الخالدة والنبع المتدفق، ويعود تاريخ تدفق مياه بئر زمزم إلى زمن إسماعيل بن إبراهيم - عليهـما السلام -، حيث تقع البئر شرق الكعبة المشرفة على بعد 21 متراً, في صحن المطاف بالمسجد الحرام محاذية للملتزم، وسبب تسمية زمزم بهذا الاسم؛ أنه لما خرج الماء جعلت هاجر تحوط عليه وتقول: زمي زمي .

والعيون التي تغذي بئر زمزم ثلاث عيون هي عين حذاء الركن الأسود ، وعين حذاء جبل أبى قبيس والصفا ، وعين حذاء المروة .

ونالت البئر اهتمامًا مستمرًا من قيادة المملكة العربية السعودية التي خصها الله - عز وجل - وشرفها بخدمة الحرمين الشريفين خلال التوسعات المستمرة للحرم المكي الشريف وكان آخرها مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم، الذي أحدث نقلة نوعية وتغييرًا جذرياً إذ سهل هذا المشروع حصول الحجاج والمعتمرين على ماء زمزم وأزال الضغط والازدحام عن منطقة المسجد الحرام وأسهم في المحافظة على الصحة العامة بتأمين شروط التنقية والتعبئة والتوزيع الآمن لماء زمزم .

وأنشئ المشروع في منطقة كُدَيّ بمكة المكرمة بتكلفة تجاوزت 700 مليون ريال، لتقديم خدمة قرنها الله في كتابه العزيز بعمارة المسجد الحرام ، بهدف ضمان نقاوة مياه زمزم وتأمين وصولها لطالبيها بأيسر السُّبُل والتكاليف، وذلك بسحبها من البئر في المسجد الحرام وتنقيتها, ثم تعبئتها وتوزيعها آلياً بأحدث التقنيات العالمية .

ومن معالم المسجد الحرام مقام إبراهيم - عليه السلام - الذي يقع في صحن الكعبة المشرفة، وهو ذو مظهر بلوري مذهّب له العديد من الفضائل، ومنها أنه ياقوتة من يواقيت الجنة وورد ذكره في القرآن الكريم في قوله - عزّ وجلّ- (( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ))، ووقف عليه إبراهيم عليه السلام كما أمره الله بذلك .

والمقام حجر أثري قام عليه النبي إبراهيم ـ عليه السلام ـ عند بناء الكعبة المشرفة لما ارتفع البناء ليقومَ فوقه، ويناوله ابنه إسماعيل - عليه السلام - الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار كلَّما كَمَّل ناحية انتقل إلى أخرى يطوف حول الكعبة ويقف عليه، وكلما فرغ من جدار نقله إلى الناحية التي تليها حتى تم بناء جدران الكعبة المشرفة الأربعة .

وفي عهد خـادم الحرمين الشريفين الملك فهـد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - رمم مقام إبراهيم عليه السلام ، وفي هذا الترميم تم استبدال الهيكل المعدني الذي كان مركبًا على مقام إبراهيم عليه السلام بهيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية ، كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب، وتم استبدال كساء القاعدة الخرسانية للمقام التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود ورخام بقاعدة أخرى، مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي .

ومن معالم المسجد الحرام الصَّفَا والمَرْوَةُ جبلان يقعان شرقي المسجد الحرام ، ويعدان رمزين شهيرين لشعيرة السعي ، والمسعى هو طريق أو شارع شرق المسجد الحرام ، يحده الصفا جنوبًا والمروة شمالاً . والصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد .

والصَّفَا : حَجَرٌ صُلْبٌ أملَسُ ، والصفا مكان مرتفع عند باب المسجد الحرام ، وهو أنف ، أي : قطعة من جبل أبي قبيس
.
أما المروة في اللغة فهي الحجر الابيض البَرَّاق وقيل : هي التي يُقْدَح منها النار ، والمَرْوَة هي حجارةُ النّارِ السُّمْرُ التي يُقتَدح بها، وربَّما سمِّيت الحجارة الرِّقاق البِيض التي تَبرُق في الشمس .

وبدأ التطوير في المسعى في العهد السعودي الزاهر عدة مرات كان آخرها في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـ رحمه الله ـ حيث وسع من ناحية الساحة الشرقية ليصبح عرض المسعى الكلي أربعين مترًا ، ومكون من أربعة طوابق .

والمطـاف هو الفناء المفروش بالرخام الأبيض الذي يحيط بالكعبة المعظمة، ويسمى الآن بالصحن، ويطوف المسلمون فيه حول الكعبة المعظمة ، وفيه الحركة متصلة آناء الليل والنهار، ما بين طائف وراكع وساجد ، لقوله تعالى " وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود " الآية ، وسمي بالمطاف نسبة إلى الطواف وهو الدوران حول الكعبة المشرفة .

ولقد حظي المطاف بعناية واهتمام الخلفاء والملوك والحكام ، وكذا عمارته والزيادة فيه .

وفي العهد السعودي الزاهر توالت مراحل تطوير المطاف كان آخرها التوسعة الحالية للمطاف لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وهي أبرز المشروعات في توسعة المسجد بشكلٍ عام وحرصاً منه - أيده الله - على تهيئة الأجواء المناسبة لخدمة ضيوف الرحمن، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمطاف في جميع الأدوار إلى 107.000 طائف في الساعة .

ومن المعالم البارزة في المسجد الحرام "المنارات" ويعود بناء أول منارة للخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، حيث أنشأ منارة بباب العمرة أثناء عمارة المسجد في عهده سنة 139 هـ .

وتمت خلال العهد السعودي في التوسعة الأولى عام 1375هـ بناء العديد من المنارات، وأصبحت بارتفاع 89 مترًا مقسمة إلى خمسة أجزاء وهي القاعدة ، والشرفة الأولى ، وعصب المئذنة، والشرفة الثانية، والغطاء. حيث إنها بنيت على الطراز الحديث لتتلاءم مع العمارة الحديثة للمسجد ، بعد ذلك تمت إضافة منارتين على باب الملك فهد لتصبح تسع منارات، ويجري حالياً العمل على أربع منارات إضافية لتصبح بذلك 13 مئذنة موزعة على الأبواب الرئيسة للحرم المكي حيث تظهر كأكتاف بارزة لها، إضافة لبعض الأبواب الأخرى والأركان .

وقد شهد الحرم المكي الشريف منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله - حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله العديد من مشروعات التوسعة ؛ حيث تعد التوسعة السعودية الثالثة التي دشنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله امتداداً للتوسعات التاريخية السابقة التي بدأت بأمر المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله - ، وأتمها الملك سعود بن عبدالعزيز، والملك فيصل بن عبدالعزيز ، والملك خالد بن عبدالعزيز، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمهم الله -، والتوسعة الكبرى التي تستكمل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ، حيث يجري العمل حالياً على استكمال أعمال التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام بمعايير عالية تحقق سبل الراحة والطمأنينة لهم، بحيث يصل استيعاب المسجد الحرام لـ 000 . 850 .1 مصل, والطاقة الاستيعابية للمطاف تصل إلى 107.000 طائف في الساعة، إضافةً إلى تأمين الخدمات الضرورية لتوفير الراحة لضيوف الرحمن وتجهيز دورات المياه والمواضئ؛ ليصبح العدد الإجمالي لها 16.300 دورة مياه وميضأة، مع توفير مشارب مياه مبردة داخل مبنى التوسعة والمطاف وفي الساحات الخارجية، وتشغيل السلالم والمصاعد الكهربائية لخدمة الحركة الرأسية ما بين أدوار المسجد الحرام، وتشغيل نظام التكييف والإنارة ونظام الصوت والمراقبة التليفزيونية وأنظمة مكافحة الحريق.

كما تشمل أعمال التوسعة السعودية الثالثة الكبرى للمسجد الحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله - مكونات رئيسة هي "مبنى التوسعة الرئيسي للمسجد الحرام، وتوسعة المسعى الذي افتتح سابقاً، وتوسعة المطاف والساحات الخارجية والجسور والمساطب، ومجمع مباني الخدمات المركزية، ونفق الخدمات والمباني الأمنية، والمستشفى، وأنفاق المشاة، ومحطات النقل والجسور المؤدية إلى الحرم، والطريق الدائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام والبنية التحتية وتشمل محطات الكهرباء وخزانات المياه وتصريف السيول".

وتعدّ هذه التوسعة هي الأكبر على مدار التاريخ، حيث استخدمت فيها أحدث تقنيات البناء والأنظمة الحديثة .

كما تقدم صحيفة ثقة ثلاثة تقارير اضافية عن المشاعر المقدسة .. مشعر منى ، ومشعر عرفات ، ومشعر مزدلفة على النحو التالي ..

ـ " مشعر منى " وجهة مقدسة في رحلة الحج

يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد سبعة كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم .
وتحيط بمشعر منى الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية ، ولا يُسكَن إلا مدة الحج ، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة ، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسر .

ويقول المؤرخون : إن تسمية ( منى ) أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج ، وقيل لتمني آدم فيها الجنة ، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها ، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنى .

وبمنى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار ، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام ، وفيه قال عزّ وجلّ (( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ )) .

وذكر بعض المؤرخين أنه كان بمنى مسجد يعرف بمسجد الكبش .

وبمنى نزلت سورة النصر أثناء حجة الوداع للرسول صلى الله عليه وسلم ، وبمنى تمت بيعة الأنصار المعروفة ببيعتي العقبة الأولى والثانية ، حيث بايعه عليه السلام في الأولى 12 شخصاً من أعيان قبيلتي الأوس والخزرج ، فيما بايعه في الثانية 73 رجلاً وامرأتين من أهل المدينة ، وكانت قبل هجرته عليه أفضل الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة .

وعلى امتداد الخلافة الإسلامية بنى الخليفة المنصورالعباسي مسجداً عُرف بمسجد البيعة ، في ذات الموضع سنة 144هـ وأعاد عمارته لاحقا المستنصر العباسي ويبعد نحو 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر النازل من منى إلى مكة المكرمة .

ويقضي الحاج بمنى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب فيه المبيت في منى تأسيًا بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه ، وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى منى حيث يصلى الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا بدون جمع .

ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر يوم التاسع من شهر ذي الحجة ومن ثم المبيت في مزدلفة .

ويقضون في منى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه .
وكما جاء في القرآن الكريم (( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) والمقصود بها منى المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالٍ معلومة من ذي الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده .

والأصل اللغوي لكلمة تشريق مادة ( شرق ) ولها ثلاثة معانٍ الأول الأخذ من ناحية المشرق ، والثاني صلاة العيد مأخوذ من شروق الشمس لأن ذلك وقتها ، وأخيراً ثلاثة أيام بعد يوم النحر وهو اليوم الأول من أيام عيد الأضحى وهذا هو الاستعمال الأغلب .

وسُميت هذه الأيام بذلك لأن العرب كما قال ابن حجر كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره .

ـ مشعر عرفات " الحج عرفة "

عرفة أو عرفات , واحد عند أكثر أهل العلم , وعرفات ليست جمعاً لعرفة وإنما هي مفرد على صيغة الجمع , وهي سهل منبسط محاط بقوس من الجبال ووتره وادي عرنة ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو (22 )كيلو مترًا وعلى بعد ( 10 ) كيلو مترات من مشعر منى و ( 6 ) كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر ب ( 4 ر 10 ) كيلو مترات مربعة وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج غير بعض المنشآت الحكومية .
وعلى صعيد هذا المكان الطاهر تقف كل عام الملايين من جموع الحجيج في زمان ومكان واحد ، تشرئب فيه الأعناق وترتفع الأيادي بالضراعة لله طلباً لمغفرته ورحمته وقد أتو من كل أصقاع الدنيا ليقفوا على صعيد عرفة في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة, خير يوم طلعت عليه الشمس ليصلون الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان وإقامتين ويدعون بما تيسر لهم تأسياً بسنة خير البشر عليه أفضل الصلاة والسلام القائل " الحج عرفة " .

وعرفة كلها موقف إلا وادي عرنة ، وقالعليه الصلاة والسلام " وقفت هاهنا بعرفة وعرفة كلها موقف " , وروى جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤوني شعثاً غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي ، فلم ير يوم أكثر عتقاً من النار من يوم عرفة ", وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ".

ومن الأماكن بمشعر عرفة ( نمرة ) بفتح النون وكسرالميم وسكونها وهو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة ، ثم خطب فيه بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصراً وجمعاً (جمع تقديم )، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة .

وفي أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بني مسجداً في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة ، فيما توالت توسعات المسجد التي تمت على مر التاريخ وصولاً للوقت الحالي .. وأصبحت مقدمة مسجد نمرة خارج عرفات ومؤخرة المسجد في عرفات وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك .

وشهد مسجد نمرة أكبر توسعة له في التاريخ في العهد السعودي بتكلفة 237 مليون ريال ، وصار طوله من الشرق إلى الغرب 340 مترًا ، وعرضه من الشمال إلى الجنوب 240 مترًا ، ومساحته أكثر من 110 ألف متر مربع ، وتوجد خلف المسجد مساحة مظللة تقدَّر مساحتها بـ 8000 متر مربع ، ويستوعب المسجد نحو 350 ألف مصل ، وله ست مآذن ، وارتفاع كل مئذنة منها 60 متراً ، وله ثلاث قباب ، وعشرة مداخل رئيسة تحتوي على 64 بابًا ، وفيه غرفة للإذاعة الخارجية مجهزة لنقل الخطبة وصلاتي الظهر والعصر ليوم عرفة مباشرة بواسطة الأقمار الصناعية .

وفي شرق عرفة يقع جبل الرحمة وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلدة يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف ، ولا يعد الوقوف على الجبل من واجبات الحج ، وللجبل أسماء أخرى منها ( القرين وجبل الدعاء وجبل الرحمة وجبل الآل على وزن هلال ) .

ويبلغ محيط جبل الرحمة 640 مترًا ، وعرضه شرقا 170 مترًا ، عرضه غربًا 100متر ، طوله شمالًا 200متر وطوله جنوبًا 170مترًا ، وارتفاعه عن سطح البحر 372مترًا ، وارتفاعه عن الأرض التي تحيط به مقدار 65 مترًا .

ويعتقد بعض الحجاج أن الوقوف بعرفات لا يكتمل إلا بصعود الجبل ، وهذا اعتقاد خاطئ لأن الوقوف بعرفة يتم في أي مكان داخل حدود المشعر ، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع " وقفت هاهنا وعرفات كلها موقف ... " .

ـ مشعر مزدلفة .. مبيت الحاج بعد نفرة عرفات

مزدلفة .. ثالث المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجيج في رحلة إيمانية يؤدون فيها مناسك الحج ، حيث تقع بين مشعري منى وعرفات ويبيت الحجاج بها بعد نفرتهم من عرفات ، ثم يقيمون فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا ، ويجمعون فيها الحصى لرمي الجمرات بمنى ، ويمكث فيها الحجاج حتى صباح اليوم التالي " يوم عيد الأضحى " ليفيضوا بعد ذلك إلى منى .

والمبيت بمزدلفة واجب ، من تركه فعليه دم ، والمستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في المبيت إلى أن يُصبح ، ثم يقف حتى يسفر ، ولا بأس بتقديم الضعفاء والنساء ، ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس .

ويعود سبب تسميتها بمزدلفة " وفقا للعلماء والمؤرخين " نظرًا لنزول الناس بها في زلف الليل ، وقيل أيضاً لأن الناس يزدلفون فيها إلى الحرم ، كما قيل إن السبب أن الناس يدفعون منها زلفة واحدة أي جميعاً فيما سماها الله تعالى المشعر الحرام وذكرها في قوله : (( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام )) .

ويعد مشعر مزدلفة بكاملها موقفاً عدا وادي محسر ، وهو موضع بين مزدلفة ومنى يسرع فيه الحجاج في مرورهم ، حيث يحدها من الغرب ما يلي منى ضفة وادي مُحَسِر الشرقية ، ( وهو وادٍ صغير يمر بين منى ومزدلفة ، وهو ما يمر فيه الحاج على الطريق بين منى ومزدلفة ) ، فيكون الوادي فاصلًا بينها وبين منى ويحدها من الشرق ما يلي عرفات مفيض المأزمين ، وهما جبلان بينهما طريق تؤدي إلى عرفات فيما يحدها من الشمال الجبل وهو ثبير النصع ، ويقال له أيضا جبل مزدلفة .

وحظي مشعر مزدلفة باهتمام كبير ومشروعات تطويرية من حكومة المملكة العربية السعودية على مر السنين، في إطار تصدر خدمة الحرمين والمشاعر المقدسة اهتمامات ولاة الأمر - حفظهم الله - ، من أجل راحة ضيوف الرحمن وتسهيل حجهم ابتغاء مرضاة الله .. حيث جاء في مقدمة ما قامت به الدولة ، توسعة المشعر الحرام وتهيئة ساحات المبيت في مزدلفة للحجاج وتزويدها بكل ما هو مطلوب من الخدمات ، والمرافق الطبية والصحية والمياه النقية والطرق والإنارة ودورات المياه والاتصالات والتغذية والمراكز الإرشادية والأمنية ، وتنظيم أماكن المبيت فيه لتسهيل حركة المرور ، إلى غير ذلك من خدمات .

ومساحتها الإجمالية 963 هكتارًا ، يستفاد منها للحجاج 682 هكتارًا ، وفيها مسجد المشعر الحرام وهو المسجد الذي ورد ذكره في قول الله تعالى : (( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام )) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل عند قبلته الذي يقع في بداية مزدلفة على قارعة الطريق رقم (5) ، الذي يفصل بين التل والمسجد ، ويبعد عن مسجد الخيف بمنى نحو (5) كيلومترات ، وعن مسجد نمرة بعرفات (7) كيلومترات .

وكان في بداية القرن الثالث الهجري متواضع المساحة والبناء ، ولم يكن مسقوفاً وله ستة أبواب ، وفي العهد السعودي تمت توسعته وأصبح طوله من الشرق إلى الغرب (90 مترًا) وعرضه (56) مترًا ، وبات يستوعب أكثر من (12) ألف مصلٍ ، وله منارتان بارتفاع 32 مترًا ، وله مداخل في الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية .