• ×
الجمعة 10 شوال 1445

ألائمة الأربعة جموع بين الفقه والاستنباط

المغامسي .. إغلاق العقول بسبب الخوف من التشبه بالفرق التي غلبتها

  المغامسي .. إغلاق العقول بسبب الخوف من التشبه بالفرق التي غلبتها
بواسطة fahadalawad 21-11-1432 02:31 مساءً 648 زيارات
ثقة : المدينة المنورة   طالب إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح بن عواد المغامسي طالب العلم أن يتعود إعمال عقله في الأدلة والأحكام وأن يتجنّب التقليد الجامد دون النظر في الدليل نافياً أن يكون لغير القرآن والسنة قداسة .
ودعا المغامسي في محاضرة له بالجامعة الإسلامية الليلة الماضية بعنوان " العقل والنقل " ضمن برنامجها الثقافي حضرها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بن ماجد ومعالي مدير الجامعة الإسلامية الدكتور محمد بن علي العقلا ، دعا إلى تعليم الطلبة ملكة الفهم منذ نعومة أظفارهم في المدارس وفي الجامعات ، من خلال تمكنهم من علم الآلة ، وعرض المسائل المتشابهة والمتناظرة عليهم وقال " إن الأئمة الأربعة إنما سادوا في الأمة بما آتاهم الله من بصيرة في النظر في كتاب الله تعالى مع الفقه ، فليس الأمر مقصوراً على الفقه ، بل جمع الفقه والاستنباط ".
وأرجع سبب إخفاق الطلاب في تحصيل ملكة العقل إلى أسباب منها الفرار مما وقعت فيه الفرق التي غلبت العقل كالمعتزلة خوفاً من التشبه بهم ، والتركيز على الحفظ في المنظومات العلمية ، كالمقولة الباطلة " فأحفظ فكل حافظ إمام " إذ لا بُدّ أن يجمع الإنسان مع الحفظ مَلَكةً عقلية ولا يعقل أن الأمة يمكن أن تتقدم بمجرّد حفاظ .
هناك مقولات باطلة، كمقولة " فأحفظ فكل حافظ إمام "
وأوضح الشيخ المغامسي أن كثيراً من رسائل الماجستير والدكتوراه تقتصر على نقولات عن علماء أجلاّء كابن تيمية وابن القيِّم وليس للباحث فيها نصيب من النظر والاستنباط ، مذكّراً بأن ابن تيمية وابن القيّم أدركا علماء أجلاّء ولم يقبلا أن ينقلا لنا ما أدركاه دون فهم ، بل عملا العقل وفق ضوابط الشرط في القرآن وفيما صح من الحديث ، مضيفا " الآن تقول المقولة فيأتيك الصغار يقولون من قال هذا قبلك ؟ ولو كان هذا الاعتراض صحيحاً لانطبق على كل من قبلنا ، والقول بأن باب الاجتهاد قد أغلق يحطّم العقل " .
وعن علاقة العقل بالمسائل الغيبية قال المغامسي إن الغيب لا يعرف بتجربة ولا بحث ولا سلطان للعقل على الغيب البتة إلا بالتسليم ، فالمعتزلة من سفههم حكّموا العقل في أسماء الله تعالى وصفاته وجعلوا العقل يحسّن ويقبّح ، مؤكداً أنه يستحيل أن يتعارض الصحيح المعقول مع الصريح المنقول، وقال " إن العلاقة بين العقل والنقل ليست علاقة تناقض كما قد يقع في ثقافات الغرب ، فالذي يناقض العقل هو الجنون ، والذي يناقض الوحي أقوال البشر ، ولكن العقل والغيب يعضد بعضهما بعضاً " .
وأكد أن العقل يُسلّم بالنقل ثم يتنحّى ، أما المسائل التي تعبدنا الله بالفهم فيها فيأتي العقل ويتفقّه حتى يكون للعلماء دور كما قال تعالى: " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " ولو لم تكن لهم عقول لما استنبطوا، فالحضارة الإسلامية السابقة مبنية على نص الوحيين كتاب الله وسنة نبيه ، فثمة أمور لا يمكن أن يكون للعقل فيها سلطان وثمة أمور لا بد من إجراء العقل فيها ، موضحاً أن النقل هو الأصل والعقل يدلّ عليه ويعضده ، معتبراً أن النقل المعتمد هو القرآن وصحيح السنة ، أما غيرهما من الأقوال فلا يلزم منه الصحة ولا القداسة إلا بقرينة تؤيده .
وقال الشيخ المغامسي " إن إعمال العقل مما جاء به الشرع ، فما مدح الله بني آدم وكرمهم إلا بالعقول التي ينبغي أن تُعمل وفق حدودها ، لأن العقل شئنا أم أبينا مخلوق ، ولكنه قد يبلغ حدًّا لا يمكنه التوقف عنده. والله عز وجل ردّ على أهل الكتاب في دعواهم بأن إبراهيم عليه السلام كان يهوديًّا أو نصرانيًّا بالعقل ، ثم قال " أفلا تعقلون " ؟
وأنكر المغامسي الغلو في اتباع أي أحد من أهل العلم من دون روية ولا احتكام للدليل الذي جاء به ، وقال إن العاقل لا ينبغي له أن يُقلّد دون دليل ، لأن الله ذمّ أهل الكتاب على اتباع الأحبار والرهبان في التحليل والتحريم ، وفيه ذمّ للغلوّ والتقليد إن لم يكن على بيّنة .
وضرب مثلاً بقصة داود وسليمان حين حكم كل منهما بحكم مختلف في قضية الرجلين الذين أكلت غنمُ أحدهما زرع الآخر ، ومع اختلاف حكميهما فإن الله تعالى أثنى عليهما ، ولما كان فقه سليمان يميل إلى الإصلاح وهو مقتضى العقل قال تعالى عنه : " ففهّمناها سليمان وكلاً آتينا حُكماً وعلماً ".
وأضاف الشيخ المغامسي يقول " العلمانية الحديثة إنما نشأت من أجل الثورة على سلطة الكنسية الكاثوليكية التي كانت ترتكب الفظائع ، كما حصل في الثورة الفرنسية، ثم انقلبت الثورة فصارت ثورة على الدين نفسه فنزع الناس ثياب الدين كلها بسبب ما صنعه أهل الدين عندهم ، وجاءوا بالعلمانية التي صدرتها الثورة الفرنسية إلى الشرق والغرب ، فالعلمانية ثارت على رجال الدين لديهم لأنهم لم يكونوا يحكّمون العقل ، وكذلك صنع العرب الذين تأثروا بالحركة العلمانية ، مع أن سلطة العقل لا يمكن الاحتكام إليها لأن العقول تختلف " .