• ×
الثلاثاء 14 شوال 1445

هل تحولت «نمطية» الأنشطة أمام عالمية المسميات.. إلى «جعجة» برامج؟!

هل تحولت «نمطية» الأنشطة أمام عالمية المسميات.. إلى «جعجة» برامج؟!
بواسطة fahadalawad 18-01-1434 04:20 صباحاً 719 زيارات
ثقة ج متابعات:  اليوم العالمي للشعر.. يوم القصة العالمي.. اليوم العالمي للمسرح.. وما يتبع ذلك من أيام عالمية سنوية.. والتي تناغمت مع أيام عالمية اجتماعية كاليوم العالمي للأم.. وأخرى توعوية كاليوم العالمي لمكافحة الشائعات.. وبيئية كاليوم العالمي للأرض.. إذ تأتي الأيام العالمية للفنون الأدبية بمثابة إعلان احتفائي بها، بوصفها مؤشرا ثقافيا، ورسالة جماهيرية لما احتلته الفنون الإبداعية في حياة الشعوب، وما تمثله في حاضرها الأممي من دور ثقافي وتنويري وإبداعي.. مما يعيد التساؤل تجاه ما يصحب هذه الأيام في مشهدنا الثقافي المحلي من خلال "واقع" ما يقدم عبر الأندية الأدبية الثقافية بوجه خاص، والمؤسسات الثقافية والتعليمية والأكاديمية بوجه عام.

يقول الناقد الدكتور عبدالله المعيقل: أعتقد أن الاحتفال بهذه المناسبات، يصدقه الفعل الثقافي، وما يصحب هذه الأيام من عمل احتفائي بها، فعلى مستوى إقامة الندوات والأمسيات الشعرية - مثلا - بمكن إقامة العديد من الفعاليات المصاحبة لبرامج المنابر، والتي يأتي منها على سبيل المثال لا الحصر، تكريم المبدعين في الفن المحتفى به، وإقامة أخرى تمزج بين الإبداع المحتفى به وفن آخر، وإقامة معارض مصاحبة، أدوار الفنون، نتاجها خلال عام، روادها، أبرز المبدعين فيها وغيرها مما يسهم في إشاعة هذه الفنون، وتعزيز حركتها الإبداعية.

ومضى د. المعيقل واصفا العديد من مظاهر الاحتفال بالفنون في أيامها العالمية، من خلال مشاهداته الشخصية، بأن ما يشاهد محليا لا يتجاوز إقامة نشاط رمزي عابر لا يتجاوز اليوم ذاته، عبر ما درجت عليه الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية فيما تقيمه من نشاطها الموسمي، والتي تقام بشكل دائم، ومما تعارف عليه جمهور هذه المؤسسات بوجوده، بعيدا عن تقديم الجديد والنوعي والمختلف تزامنا مع أيام الفنون العالمية قصة، أو شعرا، أو مسرحا، أو أي فن آخر.

وختم د. المعيقل حديثه بالتأكيد على أن هناك مجالات ومسارات مختلفة يمكن أن تسلكها المؤسسات الثقافية والأدبية للاحتفال بهذه الفنون، سواء من خلال الإلحاح على تنفيذها، أو من خلال ترجمة هذه التزامنية إلى عمل مختلف يقدم الفنون بطرائق مختلفة تستطيع أن تلفت إليها مزيدا من الاهتمام والحضور والتفاعل وفتح الآفاق أمام ما تقدمه الفنون الأدبية شعرها ونثرها في حياة الأمم والشعوب، مما جعل الاحتفاء بها يأتي في هذه الأيام بمثابة رسالة إلى شعوب العالم بما قدمته وتقدمه هذه الفنون.

أما الناقد الدكتور عبدالمحسن القحطاني، فوصف الاحتفال بالفنون في أيام أشبه ما تختزل فيها قائلا: الإبداع عليه ألا يؤمن بهذه المواضعات، فالإبداع لا يؤمن بأن تضع يوما للشعر، وآخر للقصة، ويما لكذا.. لأن المبدع رجلا أو امرأة لا يفكر إلا في إبداعه، والمتلقون والمحتفون بما يقدمه المبدع، لا يمكن أن يكون احتفال اليوم الواحد لإبداع ما مقنعا لهم للاحتفال فيه، أو بذلك الفن من خلاله، إنما جاءت هذه أيام من المستجدات التي درجت عليها العادة في السنوات الأخيرة .

ومضى د. القحطاني في حديثه مشيرا إلى أن ما شاع خلال السنوات الأخيرة من إقامة أيام عالمية لعدد من الفنون، أشبه ما تكون من قبيل الاحتفال بعيد الميلاد، التي تأخذ سياقا احتفائيا سنويا من خلال ذلك اليوم.. مردفا قوله: تذكرنا هذه الاحتفالات السنوية في يوم احتفالها بفن إبداعي ما، بأمر آخر، وكأن أولئك المحتفون بهذه الأيام السنوية جاءوا على سياق فلسفة الزكاة، التي يحول عليها حول لتؤدى في ذلك اليوم.

وختم صاحب أسبوعية القحطاني حديثه في هذا السياق قائلا: لعلنا إذ ندفع زكاة حقيقية لهذه الفنون الإبداعية، التي أشبه ما تكون مناسباتها في تلك الأيام بمثابة الوخزات التنبيهية، والمشكلة أن التنبيه لا يكون إلا بعد غفلة، أما نحن كمبدعين ومتلقين فعلينا ألا نكون في غفلة، لنكون دائما في عطاء وإنتاج وإبداع مستمر، لأن الإنسان بطبعه أعطاه الله هذا الكون خدمة له، فلماذا لا يقدم المبدع من خلال فنه وإبداعه لهذا الكون خدمة؟!

أما القاص حسن البطران، فيؤكد تأييده لإقامة فعاليات خاصة بالفنون من خلال الأيام العالمية للاحتفاء بها، بما يليق بها من خلال المؤسسات الثقافية بوجه عام، والتي يرى البطران أنها لا تعطي الاحتفال بالفنون من خلال أيامها صورة مثالية تليق بإبداع تلك الفنون، والتي ما تزال تشهد التزامن المتواضع مع هذه الأيام بوجه عام.

وقال البطران: ما يشاهد من فعاليات لا تتجاوز المناشط العادية، إلا أننا نتمنى تفعليها بما تستحق، وذلك من خلال إعداد برامج تعد للاحتفال بأيام الفنون الإبداعية، عبر تحريض وتوجيه من وزارة الثقافة والإعلام، بكون ذلك دافعا للأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية على أن تقدم برامج تسعى فيها إلى تعريف الجماهير بهذه الفنون، ومبدعيها، ومن ثم تقديم المبدعين على مستوى الرواد، وعلى مستوى الشباب، وأصحاب المواهب، خلال فترة تمتد لعدة أيام وإنما تعطى مساحة زمنية عطفا على ما يعد لها من برامج مكانيا وزمانيا.. مختتما حديثه بأهمية إدخال هذه الأيام في برامج الأندية الأدبية من خلال مجموعة مناشط وليس من خلال إقامة أمسية واحدة، خدمة للإبداع واحتفاء بالنبدعين.

من جانب آخر تحدث الشاعر محمد خضر، عن هذه القضية مستهلًا حديثه من خلال ما شاع من المفاهيم التي أخذت تصحب الفنون الإبداعية عربيا وعالميا، والتي يأتي منها "يوم القصة العالمي" اليوم العالمي للشعر" وغيرها من الأيام التي تحمل مسميات الإبداع المختلفة.. بأن هذه المفاهيم من شأنها أن تلقي بظلالها على القائمين على الأنشطة الثقافية المؤسسية، التي أكد على المعنيين بالعمل الثقافي جعل هذه الأيام أياما حقيقية من خلال جعلها أياما حية حاضرة في المؤسسات الثقافية والتعليمية والشوارع والأماكن العامة والأسواق والمراكز التجارية الكبيرة.

وقال خضر: ليس بالضرورة أن نكثف احتفالنا بفن إبداعي ما تزامنا مع اليوم الواحد لذلك الفن، وإنما من خلال أن نجعل شعار ذلك اليوم سواء كان يوما عالميا للشعر أو السرد.. أن يكون منطلقا لجملة من الفعاليات التي تنفذ لعدة أيام وفي أماكن مختلفة، كأن يكون الاحتفال ممتداً لأسبوع، وخاصة أن ثقافة البرامج التي تنفذ في أسبوع كما هو الحال في أسابيع توعوية يتم تنفيذها.

وأضاف خضر، بأن ثقافة المجتمع من جانب آخر متضائلة أمام بعض الفنون، حيث يمر العديد من مناسباتها التي يحتفل بها هنا أو هناك، دون أن نجد لها حضورا احتفائيا في مشهدنا الثقافي، ودون أن يستغلها المثقف المعني بها على وجه التحديد.. مما يجعل من حضور هذه الأيام بعيدة عما كان يؤمل فيها من الاحتفال والانتشار الجماهيري والتفاعل معها ومن خلالها مع المجتمع من حولنا، الأمر الذي نجد أن الاحتفال بأيام القصة.. والشعر.. والمسرح.. تمر مرور الكرام دون أن يلتفت إليها حتى على مستوى الكثير من المؤسسات الثقافية والأكاديمية، إذ لا نجد سوى أمسية منبرية تقام في ناد أو أخرى في آخر دون حتى أن يسبق بعضا منها إعلان عن إقامتها.