• ×
الخميس 18 رمضان 1445

طائرة تفقد وجهتها في الدهناء وتستدل بأبراج (رماح)على مطار الرياض

طائرة تفقد وجهتها في الدهناء وتستدل بأبراج (رماح)على مطار الرياض
بواسطة fahadalawad 18-02-1434 03:59 صباحاً 823 زيارات
ثقة ج متابعات:  لم يحدد المستشرق الانجليزي جون فيلبي أو مترجم كتابه (أربعون عاما في البرية) تاريخ الحادثة مثل كثير من يومياته،لكن بعض الأحداث التي ذكرها تدل على أنها كانت في عام 1366 ه وكان وقتها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه يخيم بمنطقة القصيم غرب مدينة بريدة اذ كان قد قرر ان يقضي فيها شهرا كاملا في فصل الربيع الا ان بعض التطورات السياسية وانشغاله الدائم رحمه الله بشؤون بلاده وتطوير أنظمته،فرضت استمرار الجلسات والاجتماعات بالخبراء العرب والأجانب وكان من ضمنها جلسة عقدت بمخيم الملك بصحراء القصيم مع خبراء وشخصيات مهمة ومناقشة أمور تتعلق بالميزانية والتطورات النفطية وموضوع سكة الحديد فكان من ضمن الزوار شخصية غير اعتيادية تدعى(جان هبكنز) مهتم بقضايا معينة وأراد في لقاء خاص بالملك الدخول معه في نقاشات لا طائل منها تخص أمورا تتعلق بالدين وبالعادات والتقاليد ومنح الأوربيين العاملين بالشركات حريات تتنافى مع قيم وتعاليم ديننا الإسلامي الا أن الملك استاء من عدم لباقة هبكنز وأمر فورا بإنهاء المقابلة بشكل مؤدب بعد ما أكد له بأن هناك طائرة وضعت تحت تصرفه لنقله للظهران عصر اليوم نفسه قبل توجهه النهائي إلى نيويورك وأن أحد موظفي القصر سيسلمه الإجابة عن كل الأسئلة التي قدمها خطيا.

في هذه الحال كان على عبد الله أو جون فيلبي الذي كان يعتزم السفر للرياض بالطائرة ان يغير مسار رحلته بحسب خط رحلة الرياض التي غيرت مسارها إلى مطار الظهران ثم الرياض بناء على ما استجد من أمور تتعلق بالسيد هبكنز وسنحت له الفرصة مرافقة الضيف غير المرغوب فيه فحاول في هذه الأثناء تلطيف حدة مشاعره عند ما شرح له خطأ تصرفاته التي نهجها في بلد يعد معقل الإسلام ومنبعه،وبعد هبوط الطائرة بمطار الظهران ودع فيلبي صديقه الأمريكي هبكنز بعد ما أوصله قنصلية بلاده وسط أجواء شديدة المطر ثم عاد( فيلبي) بعد فترة قصيرة لمطار الظهران لمواصلة سفره للرياض،على متن الطائرة التي تاهت في الصحراء بسبب الأجواء الماطرة وضعف أو انعدام أجهزة الملاحة وقلة خبرة قائد الطائرة الأمريكي بالطبيعة الجغرافية للمنطقة وجهله بالمعالم المعروفة في الصحراء والتي ذكرها جون فيلبي تفصيلا:

عند الإقلاع من مطار الظهران بدأ المطر ينهمر بغزارة واستمر هطول المطر طيلة الرحلة،كنت أنظر من نافذة الطائرة لأشاهد بعض المناظر والمناطق المألوفة لدي، وبعد فترة قصيرة حلقنا فوق كثبان(الدهناء) التي تمتد على مسافة عشرين ميلا. وبعد مضي نصف ساعة بدأت أشعر وكأننا نتقدم ببطء لأنني ما زلت أرى كثبان الرمل من تحتنا. عندها قال لي قائد الطائرة الأمريكي المدعو(أويد):بأننا ضللنا طريقنا ولا بد أن الريح قذفت بالطائرة باتجاه الجنوب. ذهبت معه إلى غرفة قيادة الطائرة وقلت: انه بغض النظر عن الأسباب عليه أن يخرج من منطقة الكثبان الرملية ويوجه الطائرة نحو الغرب،لأنه هناك سيكون بإمكاننا التعرف على المعالم الجغرافية،ونعلم حقيقة مكاننا،وبعد بضع دقائق تجاوزنا منطقة الرمال وشاهدت في الأسفل قلعة كبيرة مبنية من الطوب وأدركت بأنها كانت قلعة(قصر رماح). وعلى عكس ما كان قائد الطائرة يتوقع اتضح بأننا كنا نتجه نحو الجنوب وكنا قد خرجنا من خط سيرنا بحوالي خمسة عشر ميلا.

أما ما تبقى من الرحلة بعد تعديل سيرها فكان يسيرا. لأننا تعرفنا على معالم المكان من تحتنا،وبعد فترة وجيزة هبطنا بسلام في مطار الرياض،حيث كان المطر لا زال ينهمر بغزارة. وأخبرني قائد الطائرة أويد بأنني لو لم أكن معه لأرشده لكان قد عاد إلى الظهران بدلا من تحمل مخاطر الوصول إلى مطار الرياض.

في تلك الأيام كان من الممكن لأمور عديدة غريبة أن تحدث أثناء الطيران،ذلك لأنه لم يكن لدى الطيارين علم أو دراية بالمعالم الجغرافية للمنطقة،وقد حدث في إحدى الحالات أن وجد قائد إحدى الطائرات،الذي كان متجها من جدة إلى الرياض،وجد نفسه هكذا فوق سواحل الكويت.! لكن العلم تغلب الآن على معظم هذه المخاطر،لكنني أتطلع إلى تلك الايام التي كان طاقم الطائرة ينظر إليّ وكأنني عضو فخري من جماعتهم. لا يمكن لشيء أن يكون مشوقا أكثر من مشاهدة بلد صحراوي من الجو خاصة إذا كان كل معلم من معالمه بمنزلة صديق قديم.