• ×
الأحد 26 شوال 1445
fahadalawad

الجوهرة الحزينة !


 0  0  829
قررت أن أزور معرض الجواهر واللآلئ الدولى ويالروعة ما رأيت من اعتزاز كل عارض بجوهرته من مختلف الأحجام والأشكال وقد اعتنى كل واحد بجوهرته وحرص على إبراز جمالها سواء بمكوناتها أو عدد المعجبين بها أو تاريخها وقد بدا كل واحد فخورا بما لديه غير أنى لمحت فى أحدى زوايا المعرض جوهرة عجيبة الشكل مبهرة الحجم غير معتن بها وصاحبها يكاد ينزوى خشية أن يظن أحدا أنه صاحبها فكان مثار سخرية الآخرين الذين يعرفون قيمة ما يملك وهو لا يعرف ولا يدرى أن جوهرته هى الأجمل والأدوم والأعظم ولجهله أصبح لا يعتنى بها بل ويظن أن تمسكه بها سيجعله سخرية للآخرين والآخرون يحمدون الله على جهله فلو علم لاندثروا هم وقد بهره البريق الزائف لجواهرهم.

إنها لغتنا الجميلة والخالدة هى تلك الجوهرة التى لا يقدرها أهلها حق قدرها.

تلك اللغة التى كان فيما مضى يتهافت الناس لتعلمها حين كنا خير أمة, تلك اللغة التى خلدها القرآن والتى هى لغة الحساب أمام المولى جل وعلا ولغة أهل الجنة ولغة الكتاب المهيمن على جميع الكتب "القرآن الكريم" ولغة سيد المرسلين وخاتم النبيين وهى اللغة التى مدحها الله جل وعلا فى قرآنه "ِبلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ"{195} الشعراء. أقدر لسان على تبيان المعانى.

ومع ذلك لا نجد لغة مهانة بين أهلها مثلها فى حين أن العناية بها عبادة.

من العجب أن تجد العرب يفخرون بأنهم ومن يعولون يجيدون لغة غير العربية ويعتبرون من يرطن بغيرها دلالة على الرقى بدلا من أن يدل على الهوان ومن العجب أيضا أن تجد عينيك تؤلمانك وأذنيك كذلك لفرط ما ترى وتسمع طوال يومك سواء من المذيعين والمذيعات أو الخطباء أو الإعلانات المرئية والمسموعة أو حتى أسماء الشركات والمحال التجارية فعلاوة على تدمير قواعد النحو والصرف تجد تدميرا لقواعد الإملاء والأخطر من ذلك فقدان مجرد الهوية العربية فى أسماء الشركات والإعلانات وفى أحاديثنا الدارجة.

أنك تعيش يومك وكأنك فى بلدان يصعب عليك معرفة هويتها إلا من خلال اللغة التى تكتب بها الصحف والمناهج الدراسية فى المدارس الحكومية والمكاتبات الرسمية الحكومية.

إن أول أدله هوية الأمم هو لغتها وكيف يتعاملون معها وبقدر ما يعتزون بها بقدر ما يحترمهم الآخرون.

فترى متى نعود لهويتنا ونفخر بها..

أذكر أننا حينما كنا صغارا كان والدى رحمه الله- يشجعنى وأخى على إعراب الجريدة وهو الذى لم يلتحق بالتعليم الجامعى حتى أصبحت آذاننا تلتقط الخطأ النحوى حينما تسمعه قبل أن نفكر فى إعراب الكلمة ولماذا هو خطأ.

كم أتمنى أن تقوم جهة ما أو جهات متضامنة بصياغة مشروع أو مشروعات قومية يبتغى بها وجه الله تعالى لإعادة هويتنا المسلوبة إلينا .. لتعريف الأجيال بقيمة الكنز الذى يفرطون فى الحفاظ عليه والاعتزاز به وهذه المشروعات فى تصورى لن تقوم فقط على التوعية ولكن أيضا لابد من سلطة تحميها ..

فإن هذه الهوية هى مسألة حياة بعزة أو موت بذلة.. فهل من مجيب.

د. أسامة سيد سليمان - جدة