• ×
الأحد 22 جمادى الأول 1446

هوليوود تتوشح بالسواد بجيوب متخمة!

هوليوود تتوشح بالسواد بجيوب متخمة!
بواسطة fahadalawad 28-07-1434 05:47 صباحاً 610 زيارات
ثقة ـ متابعات :  قبل أن يسرق العنوان انطباعاً أولياً عن عداوة ما مع هوليوود، يجدر بنا أولاً التأكيد أن العنوان يحاول أن يسجل الظاهرة دون إصدار أي حكم قيمي أياً كانت مرجعيته. المقال مجرد استعراض مدعوم بالحقائق عن نجوم رحلوا أثناء الاشتغال على الأفلام التي كانوا يشاركون فيها، وعن مخرجين رحلوا قبل أن يبعثوا بصورهم للحياة على الشاشة الكبيرة.

قد يكون مثيراً للانتباه كم الأفلام التي قاست تلك الأحداث التي تمثلت في أخبار مؤسفة عن رحيل واحد من طاقم العمل كالمصورين أو كتاب السيناريو، ويزداد الألم عندما يأتي الخبر بوفاة الممثل الرئيسي أو مخرج الفيلم ليس لاختلاف طبقي مع السابقين ولكن لارتباطه بكل من حوله من العاملين واحتكاكه بهم في عمل اليوم والليلة، وبخاصة في عمل حيوي كما هو الحال في صناعة مثل السينما.

ربما تكون الحالة الأسرع استحضاراً على الأقل بالنسبة لذاكرة جمهور السينما الشاب حول العالم، الوفاة المفاجئة للممثل الشاب هيث ليدجر الذي كان يؤدي دور الجوكر في رائعة كريستوفر نولان (فارس الظلام-The Dark Knight)، حيث تناقلت وسائل الإعلام خبر وفاة الممثل الشباب نتيجة تسمم غير مقصود من خلال تناول أدوية لا تتوافق مع بعضها من بينها منومات ومهدئات ألم، وعلى الرغم من التعليق الذي أزعج البعض للممثل الكبير جاك نيكلسون على خلفية أسباب الوفاة إلا أن الجمهور حاول عبر عرائض شعبية الدفع بدور الممثل للفوز بجائزة الأكاديمية الأمريكية ذلك العام، بينما حاول المخرج البريطاني تيري جيليان لملمة شعثه بعد وفاة ممثله الرئيسي من خلال الاستعانة بأصدقاء الراحل وفي مقدمتهم جوني ديب لإنجاز فيلم (مخيلة د. بارناسوس-The Imaginarium of Doctor Parnassus). ليدجر ليس الممثل الواعد الأول الذي خسرته هوليود، فقد كانت وفاة ريفر فوينكس عام 1993م، أثناء تصوير فيلم (دماء داكنة-Dark Blood) إثر مضاعفات تناوله جرعة مخدرات زائدة، وبما أن الوقت كان متأخرا وتم تصوير مشاهد كثيرة فلم يتم إسعاف الفيلم بأي دماء جديدة بل تم محاولة ترقيعه وعرضه في دور السينما التي شهدت حضوراً مكثفاً من جمهور رأى في فوينكس نموذجاً محزناً للشباب التائه.

في سياق أكثر تراجيدية كانت تجربة عائلة ممثل ألعاب القتال الأسطوري بروس لي، تجربة تستحق القراءة بشكل أعمق، فمن حيث الوفاة التراجيدية للأب بروس لي خلال تصوير فيلم "دخول التنين" 1973م، جاء التقرير الطبي بالوفاة نتيجة للاستسقاء الدماغي، الجدير بالذكر أن بروس وقتها كان يصور فيلماً آخر هو "لعبة الموت" الذي يروي قصة ممثل يموت أثناء تصويره أحد أفلامه، وكأن في الأمر نبؤة انتظرت عشرين عاماً، ليسقط ابنه "براندون لي" على أرض التصوير في ظروف مشابهة بسبب رصاصة انطلقت من إحدى مسدسات الماغنوم الزائفة المستخدمة في التصوير، لينقل على عجل للمستشفى ويتم إعلان وفاته في خبر فجع هوليوود وإعلامها التي خلدت فيلم (الغراب-The Crow) -الذي ظهر عام 1994- كأحد أفلام الكلت الشهيرة التي لا تنسى.

فيلم (منطقة الشفق-Twilight Zone) عام 1983م، كان النقطة الفاصلة في علاقة صداقة عميقة بين ستيفن سبيلبيرج وجون لانديس، إذ سقطت هليكوبتر في أحد مشاهد التصوير لتحصد روح الممثل فيك مورو مع طفلين آخرين تحت سن السابعة، وقبلها بسنتين رحلت الممثلة ناتالي وود بعد أن قذفت بنفسها في البحر غضباً بعد خلاف مع زوجها، ولسبب ما لم تستطع السباحة فغرقت، لكن المنتجين حاولوا إنقاذ فيلم "عاصفة عقل" 1981م، من الغرق وتم عرضه لكنه لم يستطع اجتذاب أي جمهور, ما دفع بمخرجه دوغلاس ترمبل للتوقف عن الإخراج نهائياً.

أوليفر ريد في (المصارع-Gladiator) عام 2000م قضى ليلة صاخبة تناول فيها جرعات زائدة، ليتم نقله للمستشفى في حالة حرجة وتوفي على إثر نوبة قلبية لم يستطع النجاة منها، واستطاع ريدلي سكوت حل بعض مشاهده من خلال البديل والمؤثرات الخاصة بطبع وجهه على آخر، أما الممثل جون كاندي صاحب الابتسامة المعروفة، فقد دعا طاقم فيلم "عربات للغرب" 1994م، لاحتفال عشاء في محل إقامته، وغادر للنوم بعد ليلة لطيفة، ليصل الخبر لمدعويه بوفاته إثر سكتة نهائية لقلب مفعم بالفرح.

عالم السينما يتذكر الحادثة المؤسفة لمقتل المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني الذي ما فرغ من فيلمه المثير للجدل "سالو، 120 يوماً من تاريخ سدوم" 1975م، حتى تناقلت وسائل الإعلام وقائع قتله العنيفة إذ دهس القاتل بازوليني بسيارته الخاصة مرات عدة في شاطئ أوستيا بالقرب من روما. ربما كان ذكر بازوليني خارج سياق هولييود لكن الخبر لسوئه كان حديث الأوساط السينمائية كلها ذلك الوقت، وما زالت قضية قتله تدور في أروقة القضاء الإيطالي إلى اليوم.

المخرج الكبير ستانلي كيوبرك توفي بنوبة قلبية بعد خمسة أيام فقط من عرضه لقطات خاصة من فيلمه "عيون مغلقة باتساع" 1999م، حضرها توم كروز وزوجته السابقة نيكول كيدمان ومنتجي شركة "وارنر بروذرز"، وبعدها بأربعة أشهر عرض الفيلم الذي سوقته وارنر بروذرز بكثافة، وحصد اهتماماً جماهيرياً ونقدياً واسعاً، وتم تسجيله في موسوعة جينيس كأطول فيلم يصور بالتتابع في 400 يوم، بسبب هوس كيوبرك بالكمال كما عرف عنه.

إن تاريخ هوليوود الطويل ومرورها بتجارب مختلفة من المصاعب والمشاكل جعلها قادرة على المعالجة الذاتية من خلال نهج رأسمالي صارم، لا يمانع من تأبين الفنان ولكن من خلال توديعه بما يمكن أن يجعل من تلك الوفاة شراً غير مطلق من الناحية البراغماتية النفعية، إنها النائحة الثكلى التي تمسح دموعها بمنديل الحرير الموشح بالذهب من تركة فقيدها.