• ×
الثلاثاء 1 جمادى الثاني 1446

في ثلاث فعاليات متنوعة

أدبي الرياض يستعرض استلهام التراث والسرد السينمائي والماوراء في رواية لأميمة الخميس

أدبي الرياض يستعرض استلهام التراث والسرد السينمائي والماوراء في رواية لأميمة الخميس
بواسطة fahadalawad 12-11-1434 03:50 مساءً 1.1K زيارات
ثقة : الرياض   أقام النادي الأدبي بالرياض هذا الأسبوع ثلاث فعاليات متوالية حيث نظم يوم الأحد وبالتعاون مع كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود ندوة بعنوان ( شهادات المبدعين السعوديين في استلهام التراث العربي في الأدب السعودي ) شارك فيها القاص عمر طاهر زيلع ، والقاص والروائي خالد اليوسف ، والقاصة شيمة الشمري ، والقاص طلق المرزوقي ، وأدارها الدكتور صالح المحمود نائب رئيس مجلس إدارة النادي .

وبدأت الندوة بحديث من القاص عمر طاهر زيلع الذي أشار إلى أن النص الإبداعي يتراوح بأن يكون ناتجاً أو منتجا ً، وبين هذين الاحتمالين تدور مسألة التناص وثمة حدود غامضة تتماس مع التأثر والتضمين والاقتباس والاستلهام تصل في بعض جوانبها إلى درجة التماهي .

وذكر أن العمل يعد محصلة للموهبة والاكتساب والأخير يشمل كل المقروئات والمرئيات والمسموعات وحتى المشمومات أيضاً ، ذكراً زيلع أن التراث أو المعرفة من أهم روافد موهبته ومكونات رؤيته للحياة والناس عبر عطاءاته الفنية بما في ذلك الإبداع السردي القصصي منه بوجه خاص .

وألمح إلى أنه أفاد من الموروث في النصوص بطريقة غير مباشرة وذلك من خلال عنوان أول نص " القشور " يتجلى الموروث جملة وتفصيلاً وكذلك مجموعته القصصية ( البيداء ) بدءاً بالعنوان ومروراً بالعناوين الداخلية مثل أضغاث ، والليل لايمطر شعراً، والبحث عن البطل وغيرها .

من جانبه تحدث القاص طلق المرزوقي عن علاقته بالصحراء وقال " في ذات يوم هارب من روزنامة الأيام حين انتشلني أبي دون سابق إنذار من حضن أمي وقذفت بي إلى عرصات الصحراء ، أذكر أني مانعت في البداية لكن ما لبثت أن تآلفت مع تلك المساحة الشاسعة من الرمل حتى إنها انغرست في روحي بطريقة أعمق مما توقعت فبين حارة القمرية تلك الحارة الحجازية في الطائف وبين الصحراء وشائج حب لا تبلى إلا و تتجدد مرة أخرى أو هكذا أظن دائما " .

وأضاف " تقلبت في أسرة حارة القمرية ونمت فوق حصائر البدو في صحراء الجزيرة وبقي أثيرا عندي حتى الساعة ولا أعدل به شيئا إن قلبي يعمل في الجهة المضادة للمدينة المسيجة بالكون كريت الصلد ملمحاً الى تمسك قلبه بتلك الديمومة الممتدة من ذلك الجمال الصحراوي إلى يومه هذا .

فيما تحدث القاص خالد اليوسف عن تجربته الإبداعية وذكر أن كلمة التراث أو الموروث لم ترد في مخليته الكتابية ولم يتكون هذا العالم القديم بثيابه الجديدة في نصوصه إعجاباً أو بحثاً لكي يقال بأنه عاشق أو محب للتراث ولكن لأنه ابن للتراث ينساق في تفاصيل قصصه وروايته ؛ ولأنه ولد وترعرع في أحضان التراث جاء طبيعياً في سطور الإبداع .

وتطرق اليوسف إلى أول نص قصصي له بعنوان " وجفت الأرض " وقال : يرى القارئ تفاصيل صغيرة ودقيقة تنبعث من موروثاتنا الشعبية لم تأت قصداً ولكن جاءت تلقائية ؛ لأن ألصة وحدثها وحكايتها لها علاقة بهذا العالم واستعانت بصورة أو مشهد تراثي والشخصيات التي وردت كثيرة وكان أهما السقا وما يقوم به ويقدمه للأحياء والبيوت والناس والدلالة وأحوالها وطبيعة حياتها وبيعها وشرائها متطرقاً إلى موقع الطفولة عند الإنسان وإنه لا يمكن أن يمر من غير أن يحفر له أخدوداً وموقعاً يخلد المرحلة بكل ما تحمله من جماليات ومعاناة .

وذكر بأن القصص الأولى في مجموعاته مقاطع من حديث البنفسج حملت سطورها الكثير من الأحداث والشخصيات التراثية ، وهي تعبر عن مرحلة أولى ولا يمكن تجاهلها. أما الروايات فقد استطاعت في تلك المرحلة أن تلقي بظلالها كاملة حتى كتب رواية بعنوان " نساء البخور " عن فترة زمنية 1383ــ 1388هـ فكانت عبقاً تراثياً .

بعدها تحدثت القاصة شيمة الشمري فقالت " في عشية من عشايا الطفولة المبكرة كنت أحتسى فنجال قهوة مقلدة والدي على روحه الرحمة والرضوان ، كنت أحتسي القهوة على نسائم عطر قديم لا زالت ذكريات لحظته عالقة في مكان ما من ذاكرتي ، وحين لاحت الفرصة لي لدخول غرفته اقتحمت عليه خلوته مع كتاب قديم وكان بي ميل إلى الثرثرة حول ذلك الكتاب ، ثم استطردت قائلة : لازالت دهشتي ومتعتي وأنا أستمع إلى معلمة القرآن الكريم في المرحلة الابتدائية وهي تقص علينا قصة أصحاب الكهف كانوا أبطالاً حقيقيين رأيت فيهم آنذاك الصبر والإيمان بالمبدأ .

وأشارت إلى أنها انساقت إلى القصة القرآنية وكانت ومازالت تتأمل روعة القصة وهو يسرد علينا مأساة طفولة يوسف عليه السلام ، وكارثة ذي النون ورحمة وحب ونبل محمد عليه الصلاة والسلام ، ثم تطرقت إلى اتجاهها إلى الكتب التي تتحدث عن قصص الأنبياء وقراءاتها بعشق وتأمل مؤكدة شيمة أن قصصها بمثابة القبض على طائر مبهر مضى في أفق بعيد وليس ثمة تناقض وأن قصصها وأن احتفلت بالواقع الاجتماعي متبوعاً على نحو خفي بالواقع السياسي والاقتصادي إلا أنها ابنة الموروث لغة وثقافة .

وفي سياق آخر استضافت لجنة السرد والعروض المرئية بالنادي يوم الأثنين الماضي الناقدة والمخرجة السينمائية هناء العمير وألقت محاضرة بعنوان " السرد السينمائي .. رؤية من الخارج " وأدارتها الأستاذة ليلى الأحيدب بحضور المهتمين بالسينما حيث بدأت المخرجة السينمائية بمقدمة عن الفن السينمائي اعتمدت على سرد مصور مرئي ، وذكرت بأن السينما أتت من رغبة الإنسان في تصوير نفسه والعالم من حوله وإعادة تركيب هذا الواقع بشكل قصصي ، والأداة أو الوسيط هنا هو الصورة المتحركة .

ثم ذكرت بأن السرد السينمائي يتطلب المونتاج بوصفه عنصرا أساسيا في سرد القصة وله قواعد خاصة في تسلسل اللقطات من خلال الأحجام والتجاور وأيضاً فهو يحدد زمن اللقطات الذي يضبط إيقاع الفيلم ككل .

وعرفت العمير مصطلح اللغة السينمائية والفيلم السينمائي وعناصر اللغة السينمائية الحيادي والمتسارع والمتباطئ والتصوير بالكاميرا الثابتة والمتحركة بخدع أو بدون خدع ، والعلاقة بين الفن السينمائي والكلمة المكتوبة وأنها تعتمد في النهاية على طبيعة علاقة الكاتب بالعمل وإلى أي حد هو موجود في صناعة العمل .

بعدها تحدثت عن تحويل النصوص الأدبية إلى لغة سينمائية وأيضاً صعوبات الكتابة السينمائية وفرقها عن الفنون الأخرى .

من جهة أخرى ناقش الناقد الدكتور سعد البازعي يوم الثلاثاء ضمن فعاليات " الملتقى الثقافي " نصف الشهري مفهوم الماوراء في الرواية ، أو ميتافكشن وتحد ث البازعي عن فهم المهتمين بالسرد والقصة والمهتمين بالشعر والمسرح ، وأنها تتصل بالفكر النقدي والفلسفة .

وقال " الرواية قصة طويلة تتمحور حول المجتمع الخارجي ، وهناك روايات كتبها أشخاص رغم أنهم لا يريدون القارئ أن يصدقهم بالكتابة ولهم أهداف ، والروايات الأجنبية منها الأمريكية تشعرك بأنك في متاهة مثل الراوي الأمريكي لكتابه ( ضائع في بيت المتعة ) " مؤكداً البازعي أن رواية " زيارة سجى" لأميمة الخميس تستحق الدراسة والتحليل .

وأطلع البازعي حضور الملتقى على ملخص الرواية التي اتخذها أنموذجا للنقاش" زيارة سجى" قائلا ً " في الرواية ثلاثة أشخاص : فتاة وشاب وجدة الفتاة وما يدور حولها من علاقة بين الشاب والفتاة وذكر أن في آخر الرواية تدخل أميمه الخميس شخصياً في الرواية ، ويحتار القارئ هل هي أميمه الكاتبة أم شبيهة ، وفي نهاية الملتقى حاوره عدد من طلاب الدراسات العليا والمثقفين والمهتمين بنقد الرواية .

وعدت صاحبة الرواية أميمه الخميس التي حضرة المحاضرة الملتقى الثقافي أحد المحطات المضيئة في النادي الأدبي بالرياض ؛ لأنه يختزل الفعل الفكري والنقدي وكان تناولهم للرواية " زيارة سجى" عبر زاوية الميتافيكشن رائع سواء تاريخيا أو عند تطبيقها على الرواية ، وقالت بالطبع كنت سعيدة ومبتهجة بالأطروحات الإيجابية حول الرواية وإن كنت حريصة على التقاليد النقدية بعدم التدخل إلا بشكل طفيف في النقاش ، وأعتقد أن علاقتي مع الرواية انتهت بعدما دفعت بها للمطابع .