• ×
الخميس 3 ربيع الثاني 1447

ألعاب الفيديو تقوي مسارات الانتباه في المخ

ألعاب الفيديو تقوي مسارات الانتباه في المخ
بواسطة مراد منذ 2 ساعة 5 زيارات
 ثقة: وكالات

كشفت دراسة حديثة لباحثين من معهد علوم الأعصاب في جامعة جورجيا Neuroscience Institute, Georgia State University بالولايات المتحدة، ونُشرت في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي في مجلة علوم المخ Brain Science، عن حدوث تغيرات ملحوظة في بنية خلايا المخ للمراهقين ممارسي ألعاب الفيديو بكثافة، تسهم في زيادة الانتباه وتنمية المهارات البصرية والإدراكية.

أضرار وفوائد ألعاب الفيديو

من المعروف أن ممارسة ألعاب الفيديو بشكل مبالغ فيه، تُعد واحدة من أكثر الأمور إثارة للجدل، بين المتخصصين في طب الأعصاب وعلم النفس، حول فوائدها وأضرارها بالنسبة للمراهقين، فهناك أبحاث متعددة تؤيد الفوائد مثل الدراسة الحالية، وفي المقابل، هناك دراسات أخرى تركز على أضرارها مثل إدمان ممارستها، والإصابة بالسمنة نتيجة لعدم ممارسة نشاط بدني، وزيادة الميل للعنف نتيجة لمحتوى بعض الألعاب.

أجرى الباحثون الدراسة على 46 من طلبة الجامعات في ولاية جورجيا، تراوحت أعمارهم بين 18 و22 عاماً، وطُلب من المشاركين إكمال استبيان حول عاداتهم في ألعاب الفيديو لتحديد تصنيف حسب الوقت المنقضي في ممارسة هذه الألعاب، وبعد ذلك تم تقسيمهم إلى مجموعتين.

وكانت المجموعة الأولى مكونة من 27 طالباً من الذين قضوا خمس ساعات أو أكثر أسبوعياً في لعب ألعاب الحركة. أما المجموعة الثانية، فكانت مكونة من 19 طالباً من الذين لا يمارسون هذه الألعاب أكثر من نصف ساعة في الأسبوع على مدار العامين الماضيين. وشملت الألعاب بشكل أساسي ألعاباً تعتمد على الحركة، مثل ألعاب التصويب من منظور الشخص، وألعاب بها ساحة معركة متعددة اللاعبين عبر الإنترنت.

بعد ذلك قام الباحثون باستخدام تقنية معينة للأشعة، لدراسة التركيب المجهري لخلايا المخ المختلفة المسؤولة عن التوصيلات العصبية، وأيضاً قياس سُمك القشرة المخية، حيث ترتبط زيادة سُمك القشرة بتحسن القدرات الإدراكية والتحكم في العواطف المختلفة والتفكير واتخاذ القرارات السريعة والتوافق بين الأداء والحركة والحواس المختلفة.

ونظراً لأن ألعاب الفيديو الحركية بطبيعتها تتطلب تنسيقاً كاملاً وسريعاً للتصرف في موقف معين في ضوء معطيات محددة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة النشاط في خلايا المخ المختلفة تبعاً لوظيفة كل الخلايا، سواء الخلايا المسؤولة عن التوصيلات العصبية، أو المسؤولة عن إصدار الأوامر العصبية والتحكم الحركي.

تقوية الانتباه والرؤية

أظهرت النتائج وجود اختلافات هيكلية كبيرة في بنية معظم الخلايا الموجودة في المخ، بين الطلاب الذين يلعبون ألعاب الفيديو باستمرار والطلاب العاديين، حيث تمتع اللاعبون بسُمك أكبر في القشرة المخية بجانب تغيرات في نسيج المناطق المسؤولة عن الانتباه، والرؤية، واتخاذ القرار، والتكامل الحسي الحركي.

وتُشير النتائج إلى أن الألعاب تدعم اتخاذ قرارات أسرع، وتُحسن التكامل البصري الحركي. والأهم من ذلك، أنها تسهم في اكتساب مهارات سلوكية مهمة مثل التفكير تحت ضغط وعدم الإحباط من الهزيمة والقدرة على الاستفادة من الأخطاء.

أوضح الباحثون أن ممارسة ألعاب الفيديو تتطلب انتباهاً وتركيزاً بشكل مستمر، لأن فقدان التركيز حتى لو مجرد لحظات بسيطة يعني الخسارة، ومن ثمّ فإن ممارسة هذه الألعاب بشكل مكثف يساعد على زيادة التركيز، ما ينعكس عليهم بالإيجاب في الدراسة والعمل.

وأظهرت تقنيات تصوير المخ المستخدمة في الدراسة وجود تغير في بنية المناطق المسؤولة عن الوعي المكاني. (الإدراك المكاني، يُعزز القدرة على تصور وفهم المساحات الثلاثية الأبعاد)، ما يؤدي إلى تحسين المهارات المتعلقة بالحيز المكاني في الحياة اليومية، مثل قراءة الخرائط والقدرة على تذكر الأماكن التي تم تخزينها في الذاكرة عند زيارتها مرة أخرى.

وأكد الباحثون أن ألعاب الفيديو تنمي إدارة مهام متعددة في آنٍ واحد، لأن هذه الألعاب في الأغلب تتطلب تتبع أهداف اللعبة، والتكيف مع المواقف السريعة التغير، وتتطلب في بعض الألعاب التواصل مع لاعبين آخرين، وبذلك تُسهم هذه التجربة الافتراضية (اللعب) في تحسين مهارة إدارة مهام مختلفة في العالم الواقعي.

وأشارت الدراسة إلى أهمية ممارسة هذه الألعاب بشكل معتدل، لأنها تساعد في تخفيف التوتر العصبي بطريقة طبيعية، حيث تساهم في الاسترخاء من تحديات وضغوط الحياة الدراسية، وتكون بمثابة العلاج النفسي وتقلل الشعور بالغضب، ومن ثمّ تنعكس ممارستها بالإيجاب على الصحة النفسية للمراهق.

تنظيم المشاعر والتفكير النقدي

وتتطلب ممارسة الألعاب ضرورة تنظيم المشاعر، حيث تتميز معظم هذه الألعاب بوجود قصص وشخصيات، ما يسمح للاعبين بخوض مواقف عاطفية معقدة ومعضلات أخلاقية، ما يعني أن لعب هذه الألعاب يُعزز الذكاء العاطفي والتعاطف مع الآخرين، لذا يساعد المراهقين على فهم وإدارة مشاعرهم ومشاعر الآخرين بشكل أفضل.

وتشجع الألعاب التعليمية المراهقين على التفكير النقدي، وتساعدهم في تحليل المعلومات المختلفة، واتخاذ القرارات داخل اللعبة، وتحمل مسؤولية هذه القرارات سلباً وايجاباً، ما يُتيح لهم فرصة تطوير مهارات التفكير النقدي.

ويتم تصميم العديد من ألعاب الفيديو لتكون صعبة ومعقدة بشكل متعمد، حيث تتطلب من اللاعبين مواجهة إخفاقات وفشل متكرر، والتغلب على هذه الصعوبات يساعد المراهق على اكتساب المرونة والمثابرة على العمل الدؤوب، وهي مهارات ضرورية في الدراسة والحياة اليومية بشكل عام.

في النهاية، أكد الباحثون أن ممارسة ألعاب الفيديو بشكل معتدل يحسن الكثير من المهارات الإدراكية، ويمكن أن يساعد المراهق في تعلم الكثير من المهارات على المستوى الإدراكي والعاطفي، ونصحت الدراسة الآباء، بضرورة متابعة الوقت الذي يقضيه المراهق في ممارسة هذه الألعاب حتى لا يتحول الأمر إلى الشكل الإدماني ويتسبب في أضرار بالغة له