لقطات نادرة تكشف جوانب في مسيرة المليك الإنسان
اصدار جديد لمكتبة الملك عبد العزيز مصور يحكي بعض عطاء المليك للوطن والأمة والأسرة الإنسانية
ثقة : الرياض تحتفي مكتبة الملك عبد العزيز العامة بذكرى ملحمة توحيد المملكة واحتفالات اليوم الوطني هذا العام بباقة من الأنشطة والفعاليات التي تحكي مسيرة نهضة بلاد الحرمين الشريفين،وصعودها والتي أهلتها للصعود إلى مصاف القوى الفاعلة على الصعيد الدولي.
وتتفيأ مكتبة الملك عبد العزيز العامة في هذه المناسبة الغالية،مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - يحفظه الله - والتي بدأت منذ بواكير حياته العملية التي انبثقت من نشأته الإسلامية الأصيلة في كنف الملك المؤسس.. واكتسبت خصوصيتها من تأملاته العميقة ورؤاه الحكيمة التي ترجمتها خبرات الأيام والسنين ورعايته الكريمة لأبنائه المواطنين،وذلك من خلال معرض الصور خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز .
ويأتي في مقدمة هذه المسيرة التي تحكيها صور المعرض والكتاب التذكاري الذي يجمعها كما يؤكد معالي الأستاذ فيصل بن معمر مستشار خادم الحرمين الشريفين المشرف العام على المكتبة في تصديره للكتاب،الاستثمار في الإنسان السعودي،ذلك الإنسان أنه رأى أنه أسمى ركيزة وأغلاها تستحق العناية والرعاية،وتبرز المشاهد هذه التطلعات ويحكي الواقع أبعاد نظرته الكريمة تجاه أبنائه المواطنين،تلك النظرة التي لم تكن وليدة توليه الحكم،بل كانت ملازمة له منذ سنى حياته العملية الأولى،في كافة المناصب التي تقلدها،والمشروعات التي تبناها والتي يتجلى فيها حرصه على وضع الأسس المتينة لتهيئة الأجيال الناشئة للمستقبل وهو النهج الذي كان له أطيب الأثر في غرس الانتماء الوطني في نفوس المواطنين،وتجسيد اللحمة الوطنية لأنه جعل من أولويات اهتماماته الارتقاء بالإنسان،وتعزيز الثقة في نفسه وتهيئته للمستقبل بنظرة لا يقف ماداها عند الأمور الحالية،ويوجز هذا النهج في عبارة دوماً ما يرددها خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - في مناسبات كثيرة بقوله" خدمة الدين ثم الوطن بالصبر والعمل".
ويضيف معالي الأستاذ فيصل بن معمر وقد أسهم رعاه الله بالمبادرات الكريمة على الصعيدين العربي والإسلامي،إذ جعل نصب عينيه القضية الفلسطينية التي يراها القضية الأم،فدعمها مادياً ومعنوياً،كما دعم كثيراً من القضايا العربية والإسلامية حرصاً منه على توطيد وحدة الصف،وحل الخلافات والنزاعات وتفعيل المشروعات العلمية والاقتصادية والتنموية التي تسعى إلى مواكبة مصاف الدول المتقدمة،كما وكان أيده الله ذا حضور دبلوماسي بارز في كثير من القضايا العالمية،والأحداث الدولية التي شارك فيها بآرائه السديدة ورؤاه البناءة ونظرته المستقبلية،مما جعلها تحظى بالإشادة والتأثير،فضلاً عن اسهاماته الوطنية،وانجازاته العربية،ومبادراته العالمية التي تحتاج إلى دراسات مفصلة برؤى عميقة.
ويحكي كتاب "عبد الله" والذي يضم لقطات نادرة لخادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - فصول من قصة المليك الإنسان الذي تولى قيادة المملكة بعد وفاة الملك المؤسس بنحو خمسين عاماً،شهدت البلاد أثنائها قفزات هائلة في مضمار التحضر والازدهار.وكيف أنه هيأ نفسه لمرحلة أخرى من العطاء تعد استثنائية في عمر الوطن،اتكاء على الطاقات الإنسانية التي تزخر بها وثرواته الكبيرة التي تؤكد أن الخمسون عاماً التي سبقت تولي عبد الله مُلك البلاد كانت على المستوى الشخصي فترة تهيؤ جديرة بالتأمل لما تزخر به من حكايات ودلالات.
وتبدأ قصة مسيرة المليك في المدرسة التي أسسها الملك المؤسس في قصر المربع في ثلاثينيات القرن الماضي،والتحق بها الأمير عبد الله مع عدد من إخوانه وأقرانه،والتي تميزت بتعليم هو الأحدث في ذلك الوقت إذ تجاوز مرحلة الكتاتيب التقليدية ليتضمن عدداً من العلوم الحديثة إلى جانباً للتعليم الأساسي للقراءة والكتابة. فمن تلك المرحلة انطلق الشاب عبد الله بن عبد العزيز في رحلة خصبة من النمو الشخصي التي اعتمدت على مجالسة والده العظيم،والاستفادة من تجاربه وحكمته،ثم التوسع في الإطلاع،والسفر،وممارسة رياضاته المفضلة،وفي طليعتها الفروسية،والقنص والسباحة.
ومن عرف عبد الله بن عبد العزيز أميراً ثم ملكاً يدرك أن الاهتمامات المشار إليها استمرت جزاءاً من شخصيته فاهتماماته بالفروسية مثلا هو من العلامات الفارقة التي لم تفارقه وقد تجسد ذلك في إنشائه عام 1387 هـ/ 1967م أول ناد للفروسية في المملكة متطلعاً من خلاله إلى المحافظة على رياضة عربية أصيلة،وعلى أصالة الحصان العربي،ومن المعروف أنه كان لديه حصان مفضل أسمه "بغداد" لونه أبيض تعود امتطاءه منذ الستينيات الهجرية.
ومن يقرأ السجل الشخصي لعبد الله بن عبد العزيز في المراحل المتأخرة،سيجد كثيراً من الارهاصات الأخرى التي تبلورت في تلك المراحل المبكرة من حياته،وأسفرت فيما بعد عن مشروعات كثيرة بعضها أسفر عن تحولات كبرى في حياة الوطن،في ذلك السجل نجد ثلاثة أنواع من النشاط:مرافقة والده الملك عبد العزيز في زيارات رسمية لبعض الدول العربية،والسفر الشخصي لدول عربية وأجنبية،والقنص ورحلات الصحراء.ولعل من الطبيعي أن يكون لكل من تلك الأنواع من النشاط أثره المختلف تبعاً لاختلافها،فالزيارات الرسمية كان لها أثرها في التعريف بالأبعاد السياسية والعلاقات الدولية،إلى جانب التعريف بالدول من زوايا تجمع المعرفة بالبلاد وتاريخها،وأهلها من ناحية،والمعرفة بالأشخاص من قادة وغيرهم من ناحية أخرى،وهو ما تجسده رحلة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر في أواسط الأربعينيات من القرن العشرين،وكان أثنائها في العشرين من عمره تقريباً.
أما الرحلات الشخصية،فتحتل موقعاً خاصاً في تاريخ عبد الله بن عبد العزيز،وما يلفت النظر هو اتساع آفاقها منذ مرحلة مبكرة فقد شملت دولاً أوربية وآخرى عربية.من الدول الأوروبية كانت فرنسا، تحديداً ذات مكانة أسيرة في نفسه،وتقول المصادر القريبة منه أنه تعرف إلى شخصيات كثيرة هناك،كما أنه مر بمواقف مؤثرة،منها أنه اضطر ذات يوم إلى البقاء في غرفته بالفندق نظراً لنقص ما كان معه من المال،وبانتظار المزيد من الدعم المالي من والده في الرياض.في تلك الأثناء لحظ غيابه أحد رجال الأعمال العرب المقيمون في الفندق وحين علم بالسبب عرض عليه تقديم سُلفة حتى يصل الدعم،وبالفعل فقد وصل ذلك الدعم،واستطاع الأمير الشاب أن يسدد صاحبه لتتطور بعد ذلك صداقة دامت عمراً بأكمله.
الشهامة قيمة عالية كما هو معروف في بيئة الجزيرة العربية ولم يعدم عبد الله النماذج التي يمكن للإنسان أن يتعلم منها،وفي طليعة تلك النماذج،يأتي والده المؤسس طيب الله ثراه،كما منها البيئة البدوية التي جاءت منها والدته رحمها الله،وكذلك كثرة ذهابه إلى الصحراء ومعايشته أهلها وأجواءها.
لقد كان اهتمام الملك عبد الله بحوار الأديان والحضارات نابعاً من اهتمامه الأساسي والمبدئي بالإسلام،بوصفه الدين السماوي الأحق بالانتشار في كل مكان،والأجدر ببناء علاقات نابعة من رسالة الإسلام التي أتى بها محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم).من ذلك الاهتمام الأساسي جاءت عناية الملك عبدالله بالحرمين الشريفين وضيوفهما فأمر بأكبر توسعة يشهدها الحرم المكي في تاريخه،وكذلك باستكمال توسعة الحرم النبوي وما يصاحبه من خدمات،كما أمر بإنشاء الطرق وإعمار (عين زبيدة) لتوفير المياه بأوفر السبل للمعتمرين والحجاج والمقيمين في مكة المكرمة،هذا إلى جانب تطوير مشاعر الحج مثل إنشاء الأدوار المتعددة لجسر الجمرات التي أدى إنشاؤها على تلافي كثير من المشكلات التي كانت تحصل نتيجة لتزاحم الحجيج.
وقد تطورت هذه المبادئ والقناعات لتنغرس في الحراك الثقافي،وتتحول إلى مكتسب شائع بين مثقفي المملكة ومفكريها من مختلف المذاهب والتوجهات الفكرية دون الاقتصار على فئة أو توجه أو جنس واحد،وبالفعل فقد امتد الحوار عبر مشروع"الحوار الوطني" الذي أنشئ من أجله"مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني " وانطلق عام 1424هـ - 2003م ليشمل الوطن بأكمله،وليعقد في رحابة كثير من الجلسات التي شملت المرأة محاورة للرجل،والفكر في حوار مع الفكر،والآراء أمام اختلافها وسعيها المشترك إلى ما هو انفع وأمكث في الأرض .
وكان التأكيد على قيم الحوار والوسطية والاعتدال ركيزة أساسية لما عرف بمشروع الملك عبدالله الإصلاحي الذي هدف إلى نزع فتيل الفتن والدفع بالوطن والمنطقة ككل تجاه المزيد من حل المشكلات بالتفاهم ونبذ التشدد والإرهاب.
ومن أبرز الصور في المعرض تلك التي ترصد ما نحتاج إلى استعادته لما يتضمنه من الحس الإنساني الرائع لخادم الحرمين الشريفين،ففي عام 1421هـ /2000م انتشر مرض حمى الوادي المتصدع في منطقة جازان جنوبي غربي المملكة،وكان الأمير عبد الله آنذاك عائداً للتو من زيارة رسمية لفرنسا،وأصر أن ينتقل مباشرة إلى المنطقة المتضررة من الإصابات والوقوف على الاستعدادات التي اتخذتها الدولة هناك لمواجهة تلك المشكلة وحين حذره الأطباء والمسؤولون خوفاً عليه،قال لهم كلمة شهيرة هي : "إذا كانت إرادة الله فسأصاب بالعدوى على أية حال،وإن لم تكن فلا داعي للخوف". ويضم المعرض 192 صورة فوتوغرافية توثق لمسيرة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - منذ مراحل الصبا والشباب وفي جميع المناصب والمسؤوليات التي تولاها في حياته العلمية،كما تسجل لبعض من جهوده ومبادراته المحلية والعربية والعالمية.
ومن أجمل اللقطات التي يتم عرضها في معرض صور خادم الحرمين الشريفين مجموعة من الصور تعود إلى حقبة الستينات من القرن العشرين،وأثناء رحلة صيد،وكذلك مجموعة لقطات أثناء أداء المليك لفريضة الحج عام 1967م.
ويزدان المعرض بعدد كبير من صور خادم الحرمين الشريفين مع ملوك ورؤساء العالم،منها صورة مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جيرالد فورد عام 1974م وأخرى مع ملك أسبانيا خوان كارلوس تعود إلى حقبة السبعينيات من القرن العشرين،وصورة مع الرئيس الأمريكي "نيكسون" أثناء زيارته للملكة عام 1973م ولقائه بالملك فيصل - يرحمه الله - وكذلك صورة جماعية مع الملكة اليزابيث،ملكة بريطانيا أثناء زيارتها لجدة أواخر عام 1979م .
ومن اللقطات الرائعة في معرض صور خادم الحرمين الشريفين صورة وهو يشاهد مجسم لمقر الحرس الوطني مع إخوانه الملك خالد والملك فهد والأمراء سلطان وسلمان ومعالي الشيخ إبراهيم العنقري في أواخر السبعينات من القرن العشرين،بالإضافة إلى صورة مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان خلال حقبة الثمانينات،وأخرى مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر،ولقطات مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة،والملك الحسن الثاني ملك المغرب،والملك حسين بن طلال ملك الأردن،ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات،وتعود جميعها إلى حقبة الثمانينيات من القرن العشرين.ويضم المعرض صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يمارس رياضة "البولينج" وأخرى مع ابنه الأمير محمد،وصورة رائعة وهو يبحث عن الكمأة "الفقع" في صحراء حفر الباطن عام 1997م وكذلك صورة خاصة لغلاف مجلة تايم.
ويسجل المعرض مدى عناية المليك وبابه المفتوح لكل أبناء الوطن من خلال مجموعة صور نادرة خلال استقباله لمواطن مسن في مكتبه بالحرس الوطني وهو يقدم الماء للمواطن بيده الكريمة،وكذلك مجموعة وهو يستقبل أصحاب العرائض،ويتفقد الأحياء الفقيرة في مدينة الرياض ويتحدث مع سكانها.
ويضم المعرض صور خادم الحرمين الشريفين أثناء افتتاحه لأعمال قمة أوبك بالرياض عام 2007م،وكلمته أمام منظمة المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة عام 2008م وكلمته في هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 2008م وأثناء حضوره لقمة العشرين في لندن عام 2009م،وأثناء خطابه في المؤتمر العالمي في مدريد في يوليو عام 2008م.
ويسجل المعرض في لقطة رائعة افتتاح المليك لجامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية" كاوست" عام 2009م بحضور عدد من الرؤساء والملوك،وكذلك صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يؤدي الصلاة في قصره المطل على البحر الأحمر في جدة.
وتتفيأ مكتبة الملك عبد العزيز العامة في هذه المناسبة الغالية،مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - يحفظه الله - والتي بدأت منذ بواكير حياته العملية التي انبثقت من نشأته الإسلامية الأصيلة في كنف الملك المؤسس.. واكتسبت خصوصيتها من تأملاته العميقة ورؤاه الحكيمة التي ترجمتها خبرات الأيام والسنين ورعايته الكريمة لأبنائه المواطنين،وذلك من خلال معرض الصور خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز .
ويأتي في مقدمة هذه المسيرة التي تحكيها صور المعرض والكتاب التذكاري الذي يجمعها كما يؤكد معالي الأستاذ فيصل بن معمر مستشار خادم الحرمين الشريفين المشرف العام على المكتبة في تصديره للكتاب،الاستثمار في الإنسان السعودي،ذلك الإنسان أنه رأى أنه أسمى ركيزة وأغلاها تستحق العناية والرعاية،وتبرز المشاهد هذه التطلعات ويحكي الواقع أبعاد نظرته الكريمة تجاه أبنائه المواطنين،تلك النظرة التي لم تكن وليدة توليه الحكم،بل كانت ملازمة له منذ سنى حياته العملية الأولى،في كافة المناصب التي تقلدها،والمشروعات التي تبناها والتي يتجلى فيها حرصه على وضع الأسس المتينة لتهيئة الأجيال الناشئة للمستقبل وهو النهج الذي كان له أطيب الأثر في غرس الانتماء الوطني في نفوس المواطنين،وتجسيد اللحمة الوطنية لأنه جعل من أولويات اهتماماته الارتقاء بالإنسان،وتعزيز الثقة في نفسه وتهيئته للمستقبل بنظرة لا يقف ماداها عند الأمور الحالية،ويوجز هذا النهج في عبارة دوماً ما يرددها خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - في مناسبات كثيرة بقوله" خدمة الدين ثم الوطن بالصبر والعمل".
ويضيف معالي الأستاذ فيصل بن معمر وقد أسهم رعاه الله بالمبادرات الكريمة على الصعيدين العربي والإسلامي،إذ جعل نصب عينيه القضية الفلسطينية التي يراها القضية الأم،فدعمها مادياً ومعنوياً،كما دعم كثيراً من القضايا العربية والإسلامية حرصاً منه على توطيد وحدة الصف،وحل الخلافات والنزاعات وتفعيل المشروعات العلمية والاقتصادية والتنموية التي تسعى إلى مواكبة مصاف الدول المتقدمة،كما وكان أيده الله ذا حضور دبلوماسي بارز في كثير من القضايا العالمية،والأحداث الدولية التي شارك فيها بآرائه السديدة ورؤاه البناءة ونظرته المستقبلية،مما جعلها تحظى بالإشادة والتأثير،فضلاً عن اسهاماته الوطنية،وانجازاته العربية،ومبادراته العالمية التي تحتاج إلى دراسات مفصلة برؤى عميقة.
ويحكي كتاب "عبد الله" والذي يضم لقطات نادرة لخادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - فصول من قصة المليك الإنسان الذي تولى قيادة المملكة بعد وفاة الملك المؤسس بنحو خمسين عاماً،شهدت البلاد أثنائها قفزات هائلة في مضمار التحضر والازدهار.وكيف أنه هيأ نفسه لمرحلة أخرى من العطاء تعد استثنائية في عمر الوطن،اتكاء على الطاقات الإنسانية التي تزخر بها وثرواته الكبيرة التي تؤكد أن الخمسون عاماً التي سبقت تولي عبد الله مُلك البلاد كانت على المستوى الشخصي فترة تهيؤ جديرة بالتأمل لما تزخر به من حكايات ودلالات.
وتبدأ قصة مسيرة المليك في المدرسة التي أسسها الملك المؤسس في قصر المربع في ثلاثينيات القرن الماضي،والتحق بها الأمير عبد الله مع عدد من إخوانه وأقرانه،والتي تميزت بتعليم هو الأحدث في ذلك الوقت إذ تجاوز مرحلة الكتاتيب التقليدية ليتضمن عدداً من العلوم الحديثة إلى جانباً للتعليم الأساسي للقراءة والكتابة. فمن تلك المرحلة انطلق الشاب عبد الله بن عبد العزيز في رحلة خصبة من النمو الشخصي التي اعتمدت على مجالسة والده العظيم،والاستفادة من تجاربه وحكمته،ثم التوسع في الإطلاع،والسفر،وممارسة رياضاته المفضلة،وفي طليعتها الفروسية،والقنص والسباحة.
ومن عرف عبد الله بن عبد العزيز أميراً ثم ملكاً يدرك أن الاهتمامات المشار إليها استمرت جزاءاً من شخصيته فاهتماماته بالفروسية مثلا هو من العلامات الفارقة التي لم تفارقه وقد تجسد ذلك في إنشائه عام 1387 هـ/ 1967م أول ناد للفروسية في المملكة متطلعاً من خلاله إلى المحافظة على رياضة عربية أصيلة،وعلى أصالة الحصان العربي،ومن المعروف أنه كان لديه حصان مفضل أسمه "بغداد" لونه أبيض تعود امتطاءه منذ الستينيات الهجرية.
ومن يقرأ السجل الشخصي لعبد الله بن عبد العزيز في المراحل المتأخرة،سيجد كثيراً من الارهاصات الأخرى التي تبلورت في تلك المراحل المبكرة من حياته،وأسفرت فيما بعد عن مشروعات كثيرة بعضها أسفر عن تحولات كبرى في حياة الوطن،في ذلك السجل نجد ثلاثة أنواع من النشاط:مرافقة والده الملك عبد العزيز في زيارات رسمية لبعض الدول العربية،والسفر الشخصي لدول عربية وأجنبية،والقنص ورحلات الصحراء.ولعل من الطبيعي أن يكون لكل من تلك الأنواع من النشاط أثره المختلف تبعاً لاختلافها،فالزيارات الرسمية كان لها أثرها في التعريف بالأبعاد السياسية والعلاقات الدولية،إلى جانب التعريف بالدول من زوايا تجمع المعرفة بالبلاد وتاريخها،وأهلها من ناحية،والمعرفة بالأشخاص من قادة وغيرهم من ناحية أخرى،وهو ما تجسده رحلة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر في أواسط الأربعينيات من القرن العشرين،وكان أثنائها في العشرين من عمره تقريباً.
أما الرحلات الشخصية،فتحتل موقعاً خاصاً في تاريخ عبد الله بن عبد العزيز،وما يلفت النظر هو اتساع آفاقها منذ مرحلة مبكرة فقد شملت دولاً أوربية وآخرى عربية.من الدول الأوروبية كانت فرنسا، تحديداً ذات مكانة أسيرة في نفسه،وتقول المصادر القريبة منه أنه تعرف إلى شخصيات كثيرة هناك،كما أنه مر بمواقف مؤثرة،منها أنه اضطر ذات يوم إلى البقاء في غرفته بالفندق نظراً لنقص ما كان معه من المال،وبانتظار المزيد من الدعم المالي من والده في الرياض.في تلك الأثناء لحظ غيابه أحد رجال الأعمال العرب المقيمون في الفندق وحين علم بالسبب عرض عليه تقديم سُلفة حتى يصل الدعم،وبالفعل فقد وصل ذلك الدعم،واستطاع الأمير الشاب أن يسدد صاحبه لتتطور بعد ذلك صداقة دامت عمراً بأكمله.
الشهامة قيمة عالية كما هو معروف في بيئة الجزيرة العربية ولم يعدم عبد الله النماذج التي يمكن للإنسان أن يتعلم منها،وفي طليعة تلك النماذج،يأتي والده المؤسس طيب الله ثراه،كما منها البيئة البدوية التي جاءت منها والدته رحمها الله،وكذلك كثرة ذهابه إلى الصحراء ومعايشته أهلها وأجواءها.
لقد كان اهتمام الملك عبد الله بحوار الأديان والحضارات نابعاً من اهتمامه الأساسي والمبدئي بالإسلام،بوصفه الدين السماوي الأحق بالانتشار في كل مكان،والأجدر ببناء علاقات نابعة من رسالة الإسلام التي أتى بها محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم).من ذلك الاهتمام الأساسي جاءت عناية الملك عبدالله بالحرمين الشريفين وضيوفهما فأمر بأكبر توسعة يشهدها الحرم المكي في تاريخه،وكذلك باستكمال توسعة الحرم النبوي وما يصاحبه من خدمات،كما أمر بإنشاء الطرق وإعمار (عين زبيدة) لتوفير المياه بأوفر السبل للمعتمرين والحجاج والمقيمين في مكة المكرمة،هذا إلى جانب تطوير مشاعر الحج مثل إنشاء الأدوار المتعددة لجسر الجمرات التي أدى إنشاؤها على تلافي كثير من المشكلات التي كانت تحصل نتيجة لتزاحم الحجيج.
وقد تطورت هذه المبادئ والقناعات لتنغرس في الحراك الثقافي،وتتحول إلى مكتسب شائع بين مثقفي المملكة ومفكريها من مختلف المذاهب والتوجهات الفكرية دون الاقتصار على فئة أو توجه أو جنس واحد،وبالفعل فقد امتد الحوار عبر مشروع"الحوار الوطني" الذي أنشئ من أجله"مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني " وانطلق عام 1424هـ - 2003م ليشمل الوطن بأكمله،وليعقد في رحابة كثير من الجلسات التي شملت المرأة محاورة للرجل،والفكر في حوار مع الفكر،والآراء أمام اختلافها وسعيها المشترك إلى ما هو انفع وأمكث في الأرض .
وكان التأكيد على قيم الحوار والوسطية والاعتدال ركيزة أساسية لما عرف بمشروع الملك عبدالله الإصلاحي الذي هدف إلى نزع فتيل الفتن والدفع بالوطن والمنطقة ككل تجاه المزيد من حل المشكلات بالتفاهم ونبذ التشدد والإرهاب.
ومن أبرز الصور في المعرض تلك التي ترصد ما نحتاج إلى استعادته لما يتضمنه من الحس الإنساني الرائع لخادم الحرمين الشريفين،ففي عام 1421هـ /2000م انتشر مرض حمى الوادي المتصدع في منطقة جازان جنوبي غربي المملكة،وكان الأمير عبد الله آنذاك عائداً للتو من زيارة رسمية لفرنسا،وأصر أن ينتقل مباشرة إلى المنطقة المتضررة من الإصابات والوقوف على الاستعدادات التي اتخذتها الدولة هناك لمواجهة تلك المشكلة وحين حذره الأطباء والمسؤولون خوفاً عليه،قال لهم كلمة شهيرة هي : "إذا كانت إرادة الله فسأصاب بالعدوى على أية حال،وإن لم تكن فلا داعي للخوف". ويضم المعرض 192 صورة فوتوغرافية توثق لمسيرة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - منذ مراحل الصبا والشباب وفي جميع المناصب والمسؤوليات التي تولاها في حياته العلمية،كما تسجل لبعض من جهوده ومبادراته المحلية والعربية والعالمية.
ومن أجمل اللقطات التي يتم عرضها في معرض صور خادم الحرمين الشريفين مجموعة من الصور تعود إلى حقبة الستينات من القرن العشرين،وأثناء رحلة صيد،وكذلك مجموعة لقطات أثناء أداء المليك لفريضة الحج عام 1967م.
ويزدان المعرض بعدد كبير من صور خادم الحرمين الشريفين مع ملوك ورؤساء العالم،منها صورة مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جيرالد فورد عام 1974م وأخرى مع ملك أسبانيا خوان كارلوس تعود إلى حقبة السبعينيات من القرن العشرين،وصورة مع الرئيس الأمريكي "نيكسون" أثناء زيارته للملكة عام 1973م ولقائه بالملك فيصل - يرحمه الله - وكذلك صورة جماعية مع الملكة اليزابيث،ملكة بريطانيا أثناء زيارتها لجدة أواخر عام 1979م .
ومن اللقطات الرائعة في معرض صور خادم الحرمين الشريفين صورة وهو يشاهد مجسم لمقر الحرس الوطني مع إخوانه الملك خالد والملك فهد والأمراء سلطان وسلمان ومعالي الشيخ إبراهيم العنقري في أواخر السبعينات من القرن العشرين،بالإضافة إلى صورة مع الرئيس الأمريكي رونالد ريغان خلال حقبة الثمانينات،وأخرى مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر،ولقطات مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة،والملك الحسن الثاني ملك المغرب،والملك حسين بن طلال ملك الأردن،ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات،وتعود جميعها إلى حقبة الثمانينيات من القرن العشرين.ويضم المعرض صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يمارس رياضة "البولينج" وأخرى مع ابنه الأمير محمد،وصورة رائعة وهو يبحث عن الكمأة "الفقع" في صحراء حفر الباطن عام 1997م وكذلك صورة خاصة لغلاف مجلة تايم.
ويسجل المعرض مدى عناية المليك وبابه المفتوح لكل أبناء الوطن من خلال مجموعة صور نادرة خلال استقباله لمواطن مسن في مكتبه بالحرس الوطني وهو يقدم الماء للمواطن بيده الكريمة،وكذلك مجموعة وهو يستقبل أصحاب العرائض،ويتفقد الأحياء الفقيرة في مدينة الرياض ويتحدث مع سكانها.
ويضم المعرض صور خادم الحرمين الشريفين أثناء افتتاحه لأعمال قمة أوبك بالرياض عام 2007م،وكلمته أمام منظمة المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة عام 2008م وكلمته في هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 2008م وأثناء حضوره لقمة العشرين في لندن عام 2009م،وأثناء خطابه في المؤتمر العالمي في مدريد في يوليو عام 2008م.
ويسجل المعرض في لقطة رائعة افتتاح المليك لجامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية" كاوست" عام 2009م بحضور عدد من الرؤساء والملوك،وكذلك صورة نادرة لخادم الحرمين الشريفين وهو يؤدي الصلاة في قصره المطل على البحر الأحمر في جدة.