• ×
الإثنين 27 شوال 1445
فهد العواد

رجال التنمية !

فهد العواد

 0  0  841
لا تقوم حضارة ولا تنمية في أي منطقة من هذه المعمورة إلا بسواعد الرجال وسواعد شقائق الرجال ، والإنسان يألف مع محيطه من البيئة والطبيعة ويتأقلم معها ويحاول تسخيرها والاستفادة من مقوماتها الطبيعة بما تزخر به مكنون لاحتياجاته الأساسية .

في أول الخطوات التي خطها رائد التنمية الأول الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في النهوض بالمملكة المترامية الأطراف ، هي توطين البادية في الهجر والقرى القديمة وتقديم لهم العون والمساعدة وإنشاء المساجد والمدارس وتوفير المياه حتى استقر أبناء البادية في مدن وهجر وقامة مدن وهجر حديثة في أرجاء الوطن ، حتى عم الخير أرجاء الوطن وسار أبنائه البررة رحمهم الله جميعاً من بعده على هذا النهج الحضاري ، حتى أصبحت الهجر والمدن الصغيرة محافظات ومدن كبيرة ، تتوفر فيها جميع ما يحتاجه الإنسان ، وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني والرجال المخلصين والجنود المجهولين في سائر أرجاء الوطن .

الأسبوع الماضي فقدنا أخا عزيزاً ورجل خلوق وصاحب طاعة وفزعة ونخوة ، فهو أبناً للكبير وأبا للصغير وأخا لكل أبناء قريته وأهله ومن يعرفه وواصل رحم وأمام مسجد ومؤذن ودكتور في التواضع والأخلاق والعطاء ، حتى وأن لم يحمل الابتدائية ومن الرجال الذين تشهد لهم الأوطان في أثر سواعدهم البانية فيها والمؤثرة في محيطها الاجتماعي ، هو أخي حمود العواد صاحب قرية المهينية التابعة لمركز الخوير بمنطقة حائل .

استقر أبناء هذه المنطقة فيها وامتهنوا الزراعة بدلاً من الرعي في بداية التسعينات الهجرية وفي ذلك الوقت لم تتوفر في المنطقة الخدمات الضرورية لاستمرار البناء وسبل الحياة فيها ، ولكن عزيمة الرجال وسواعدهم حولت الصحاري في أنحاء الوطن إلى مدن وواحات خضراء ومدن تتوفر بها احتياجات الإنسان للعيش فيها .

أبو عبدالله كان من الرجال المؤثرين في هذه المنطقة ومن السواعد البانية فكأن نعم الأخ والعون لكل من يحتاج إلى مساعدته ، في البداية كانت المنطقة عبارة عن مزارع لا تعدى أصابع اليد الواحدة والآن تجاوزت الثلاثة آلاف مزرعة حسب علمي وربما أكثر .
وهذه تحتاج في البداية إلى توفير الديزل والصيانة للمعدات والآلات الزراعية والسيارات ولم تخدم المنطقة في السابق بالطرق وكانت عملية توفير احتياجات تلك المزارع وأهلها عملية صعبة جداً ، ولكن بوجود أبو عبدالله وغيره من المخلصين مثل أبو فهد وأبو خالد وأبو قاسم ، كل ما تعثر أحد من مزارعي وأهل المنطقة وقفوا بجهدهم ودعموه بتوفير الوقود للمعدات الزراعية ، وعندما تتوقف معدة أو اله زراعية ، حيث أن اغلب أهل المنطقة من محدودي الدخل لا يستطيعون أن يحضروا مهندس أو متخصص فكانوا هم من يقومون بذلك ويقفون لساعات وربما يوم كامل وبتوفيق من الله يوفقون بذلك وأصبحوا مثل فرقة الطوارئ للمنطقة وأهلها طيلة سنوات حتى اغتنى الناس وتوفرت لهم الخدمات التي يحتاجونها ، وعندما يمرض إنسان هم من يذهبون به للمستشفى لإسعافه ، وعندما يحتاج أحدهم للفزعة فهم جاهزون .

الآن أصبحت هذه الهجر مناطق جذب لتوفر المياه والطرق والكهرباء والمدارس فيها وبحق يعدون جنود مجهولين في أرقام التنمية وأن كانوا معروفين في محيطهم الاجتماعي ومنطقتهم بما قدموه من أعمال .

فرحم الله أبو عبدالله وممن انتقلوا قبله من رجال البناء في المنطقة وفي مختلف المناطق رحمة واسعة وأسكنهم الله فسيح جنانه ومتع الله الأحياء من المخلصين بالصحة والعافية ، والمثل الشعبي يقول من خلف ما مات والرجال يأتي من بعدهم رجال يواصلون مسيرة العطاء .

فألف شكر وتقدير لكل من واسانا في فقيدنا الغالي من القيادة ومن شيوخ القبيلة وابنا عمومتنا ومعارفنا وأصدقائنا ومن كل فئات المجتمع من سائر أرجاء الوطن سواء بالحضور أو بالاتصال بنا في الرياض أو في القرية ، فلهم مني ومن كل أخوان وأبناء الفقيد الشكر على مشاركتهم لنا في هذا المصاب مما خفف علينا وأثر في نفوسنا جميعاً ، ورحم الله أمواتنا وأموات المسلمين أجمعين وغفر الله لهم ، وحفظ الله الجميع من كل مكروه .