• ×
الإثنين 27 شوال 1445
فهد العواد

السناعيس ومزايين " العيس " !

فهد العواد

 0  0  2.3K
سنا هو جبل في أطراف نجد بالقرب من تثليث ، استقر حوله الضياغم من شمر فترة من الزمن في بداية هجرتهم إلى الشمال و " عيس " هي أسم من أسماء الإبل ، وحدثت أن الإبل تعرضت لغزو حول هذا الجبل وجاءت من هذين الأسمين اشتقاق هذه النخوة التي أنفرد بها " السناعيس " وعرفت بهم وعرفوا بها إلى يومنا هذا ومنها قول شاعر الجبلين عبدالله الأشقر

سناعيس وان زرتوا بنا ساحة الوغاء == نطحنا المنايا " وأحمر الموت "نطاحي

وهذا حدث قبل حوالي " 400 " سنة حيث انتقلوا السناعيس إلى الجبل بين أجاء وسلمى ، واتجه أبناء عمومته الهواجر إلى المنطقة الشرقية وكلن استقر في منطقته إلى هذا العهد الزاهر ومن شواهد ذلك قول الشاعر :

أن سلت عنا يالسويطي قحاطيـن
عــواصــم والــلــي حــذانـــا لـفــايــق
حــنــا وعــبــده والـهـيــازع بـجــديــن
لـطـامـةً يوم اللقاء كــــل مــايــق

هذه الأيام يحضر " السناعيس " لمزاين " العيس " المقرر إقامته في 8 / 5 / 1434هـ ولمدة عشرة أيام ، بالقرب من مدينة تربة بمنطقة حائل حيث تجري الاستعدادات الآن على قدم وساق . كما يحضر أبناء عمومتهم بني هاجر إلى مهرجان مماثل مقرر له بعد مزايين ابل شمر في 16 / 5 / 1434هـ في جوف بني هاجر .

اشتهرت منطقة الخليج بإقامة المهرجانات الرسمية والعائلية للإبل ، لما ورثوه من حب حقيق للإبل من الآباء والأجداد حيث كانوا يبذلون لها الغالي والنفيس ، كان الأجداد يرخصون أعمارهم في حمايتها ، لأنها كانت هي المصدر الرئيس لبقائهم بعد الله ، فهي وسيلة نقلهم وترحالهم الوحيدة من منطقة إلى أخر ومنها يشربون الحليب ومن وبرها يغزلون ملابسهم وبيوتهم ، ويأكلون من لحومها ، ومع هذا لا يقدمونها على مبادئهم وأخلاقهم فتجدهم عندما يقدم لهم ضيفاً يعقرون له أسمنها .

الإبل إحدى معجزات الخلق في عالم الحيوان المليء بالمعجزات وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في قول المولى عز وجل في سورة الغاشية المكية " أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت " .

إن الحق سبحانه وتعالى يريدنا إن نتدبر في إعجاز خلق الإبل إذن فالإبل معجزة بشكلها العام ، سنامها الذي يحفظ لها الغذاء معجزة عنقها بشكله المتقوس وتركيب الرأس بهذا العنق ، عيونها برموشها الطويلة التي تبعد عنها التراب ، وأذناها الصغيرتان المحصنتان بسياجات من الشعر تبعد الأذى عنها ، وأنفها الذي ينطبق فلا يدخله الغبار والأتربة ، وبراطمها المشقوقة التي تستعملها لقبض الأغصان والأشواك ، وطريقة بروكها منطبقة على نفسها واخفافها التي تخفض المياه ووسيلة مريحة للمشي على الرمال وصبرها على العطش وقلة الطعام كلها معجزات ، وما توصل إليه العلم الحديث من فوائد طبية وغذائية كثيرة ، وما خفي من المعجزات التي لا يعلمها إلا الله كثير ومثيره . فلنتدبر في خلق الله وإعجازه .

اختصار مهرجانات الإبل في دول الخليج على مزايين الإبل فقط بغض النظر عن الفعاليات المصاحبة ، أمر مستغرب ، فالزين للبنات ليس للإبل ، ومن ما قيل ولا يستعاب قول الشاعر :

الزيين مع شمراً ومطير ، وفخيذةً من بني سالم .

فلم يعرف في السابق أنهم تفاخروا بزين الإبل بل في حمايتها وتركها ترعا في أماكن الخطر من التدليل لها ، وتحمل الخطر من اجلها ، والذهاب بها إلى أماكن خطرة عليهم من أجل توفير الماء والكلاء لها وتحمل المشاق في سبيلها .

بكل صراحة ما أود قوله أن السناعيس وأبناء عمومتهم قادرين مع محبي الإبل وهذا المورث الأصيل من الأمراء ورجال الأعمال في المملكة والخليج طرق البعد الأخر الذي هو أهم من التفاخر بجمال الإبل ، إلى الاستثمار في الإبل وإيجاد مشاريع ضخمه لتربية الإبل وتكاثرها ، وإنشاء مراكز أبحاث للإبل ومعالجتها ، ومعرفة أفضل أنواعها ، وإيجاد مصانع لمنتجاتها ، على أن يتم توظيف أبناء المنطقة في تلك المشاريع من أبناء البادية ومن لديه التخصصات العلمية المناسبة ، خاصة إذا عرفنا أن مهرجان " مزايين ابل شمر " يقام بالقرب من مدينة تربة في منطقة شاسعة ومخصصة للرعي من مقبل وزارة الزراعة ، والناس بحاجة إلى حليبها ولحومها في المملكة والخليج ، بل وعلى المستوى العربي .

تقدر أعداد الأبل في كل الوطن العربي بحوالي " 10 " مليون رأس وهذا عدد قليل جداً إذا عرفنا كم عدد السكان ، وهذه النسبة هي 60 بالمئة من إعداد الإبل على المستوى العالمي إذ قدرتها إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة العالمية بحوالي 16 مليون على مستوى العالم ، وحسب المنظمة فإن أكثر من نصف أبل العرب في الصومال بنسبة 53 بالمئة ثم السودان بنسبة 28 بالمئة وموريتانيا بنسبة حوالي 7 بالمئة ومن ثم بقية الدول العربية وهذا حسب كتيب إحصائي عن الإبل صادر من وزارة الزراعة بالمملكة العربية السعودية .

فيجب استغلال هذا الحب والمقومات المتوافرة لخدمة الوطن والمواطن بما هو بحاجة إليه وربما بها يغيث الله البلاد والعباد ، وفي نفس الوقت نحقق الاكتفاء الذاتي في اللحوم الحمراء التي تزداد الحاجة إليها مع تزايد الطلب المحلي عليها وكثرة المناسبات الوطنية التي تتطلبها ، في موسم الأضحية والمناسبات الوطنية ومنها هذه المناسبة والتي يكثر فيها الذبح لإكرام الضيوف .

بهذه المناسبة نقدم شكرنا العميق للجنة المنظمة على توقيعها الاتفاقية التي تعد الأولى في مهرجانات الإبل على مستوى المملكة ، مع الجمعية الخيرية والمستودع الخيري في حفظ زائد الطعام في جميع منطقة المهرجان لحفظه ومن ثم توزيعه على المستحقين ، وهذه بادرة حميدة تحسب للمهرجان والمنظمين له يشكرون عليها وتزيد في أعمالهم الصالحة .

بكل تأكيد لهذه المهرجانات مردود اجتماعي طيب يزيد من التلاحم بين أبناء القبيلة الواحدة ، مما يزيد من اللحمة الوطنية ، ومناقشة كل هم يؤرق القبيلة وأبناءها التي هيا بكل تأكيد جزء من الهم الوطني ، وكذلك ما يصاحب المهرجانات من فعاليات تراثية وثقافية واجتماعية واقتصادية .
نتمنى للمنظمين التوفيق والسداد لما فيه خدمة المنطقة وأهلها سواء مزايين شمر أو بني هاجر من خلال هذا المهرجانات ونشد على أيديهم ونعرب عن استعدادنا لتقديم المساعدة الإعلامية لهم من خلال هذا المنبر الإعلامي ، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

فــــــهــــد الــــــــعــــــواد
رئيس تحرير ثقة الالكترونية
fahadalawad@hotmail.com