• ×
الجمعة 17 شوال 1445

المسجد النبوي الشريف منارة الاسلام منذ فجره

المسجد النبوي الشريف منارة الاسلام منذ فجره
بواسطة fahadalawad 12-05-1434 04:59 مساءً 1.1K زيارات
ثقة : المدينة المنورة واس منذ فجر الإسلام وحلقات المسجد النبوي الشريف أشبه بجامعة إسلامية مفتوحة يُدرِس فيها العلماء ، ويدْرُس فيها الطلاب من كل أرجاء العالم الإسلامي ، وتدار حلقاتهم لسنوات طويلة، وتخرج طلابا ينشرون العلم والثقافة في أنحاء المعمورة .
وتتجه أنظار أبناء الأمة الإسلامية نحو المدينة المنورة التي تعيش هذه الأيام ولعام كامل على وقع عرس ثقافي إسلامي حافل بالمناشط المتنوعة ؛ بعد اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م ، اعترافاً بفضلها على مدن العالم في نشر العلم والخير والثقافة الإسلامية على مدى أربعة عشر قرناً لم تهدأ خلالها الحركة العلمية والثقافية .
وعاشت المدينة المنورة المعروفة باسم "يثرب" قبل الإسلام غارقةً في ظلمات الجاهلية، ولم يكن لمجتمعها ثقافة تُذكر، سوى جوانب محدودة في الشعر القائم في معظمه على الفخر بالأحساب والأنساب، بالحق والباطل ،كما لم يكن لأهل المدينة في الجاهلية علوم دينية أو دنيوية غير النَّزْر اليسير من بعض العلوم القائمة على التجربة والممارسة خاصة في الناحية الزراعية.
وما أن أشرق فجرُ الإسلام، وشَّع نوره في الأُفق، حتى تطلّع أفرادٌ من أهل المدينة إلى ذلك النور الإلهي، ودخلوا في الإسلام حاملين على عواتقهم إدخال ذلك النور إلى مدينتهم، لمحو الجاهلية التي عانى منها مجتمعهم. وما هي إلا مدة يسيرة حتى أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة مهاجراً، معلناً دخول هذه البلدة المباركة عصر الإيمان والعلم والثقافة.
وكان وصول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى طيبة الطيبة بداية عهد من التأسيس والتمكين للإسلام خاصة، وللثقافة الإنسانية بعامة، ذلك أن الإسلام يحمل في رسالته إخراج البشر من الظلمات إلى النور، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم. وبدأت في المدينة المنورة حركة علمية ثقافية محدودة الأفراد، قوية الأثر، مهّدت للهجرة النبوية المباركة، وأسست لامتداد علمي ثقافي انطلق مع تلك الهجرة، وتخطى المدينة ليشمل آفاق الأرض حين أسلم النفر القليل من أهل المدينة الذي بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة في بيعة العقبة الأولى والثانية .
ولاحت المؤشرات على قدوم الإسلام بعهد الثقافة، حيث أن أول عمل قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - لدى قدومه المدينة، بناء مسجده ، ليكون مكاناً للصلاة، ومعهداً للتعليم والتدريس، وداراً للتشريع والقضاء، ومجلساً لنقاش القضايا العامة التي تهمّ المجتمع المدني.
وأصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس في مسجده بعد صلاة الصبح فيجتمع حوله أصحابه فيحدِّثهم ويُحدِّثونه، ولا يألوا جُهداً في تعليمهم وتوجيههم، ولا يترك موقفاً يستدعي بيان الحق من الباطل يمرُّ دون تصحيح للمفاهيم المغلوطة، فيُبيّن الخطأ ويشفعه ببيان الصواب، ويُشير إلى الخُرافة لينفيها ويوضح حقيقتها، ولم يَحرم النساء من تلك الثروة العلمية التي جاء بها صلى الله عليه وسلم، فقد جعل لهنّ يوماً يأتيهنّ فيه ويعظهنّ ويُعلّمهنّ.
ولقد تأسس المجتمع المدني بعد الهجرة على بصر النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه، وفق المنهج الإسلامي الشامل، فجاء أثر تلك الهجرة على الثقافة المدنية شاملاً لجميع نواحي الثقافة، الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية.
ففي الجانب الديني نقل الإسلام أهل المدينة من عبادة الأصنام والأوثان إلى عبادة الله وحده، ونقّى المجتمع من ضلالات الخرافة كالمعتقدات الباطلة والممارسات الدينية الآثمة. وفي الجانب الاجتماعي حرّر الإسلام المجتمع من ويلات العادات الجاهلية المقيتة، والأخلاق البغيضة وأرشده إلى أرقى الأخلاق والآداب، وفكّ أسر المرأة من ظلم أحاط بها قروناً عديدة، وجعلها شقيقة الرجل.
وفي الجانب الاقتصادي والسياسي ، هذّب التعاملات المالية والنظام الاقتصادي كله، كما نظم علاقة أهل المدينة بأهل الديانات والثقافات الأخرى في المدينة وخارجها. وقويت في العهد النبوي بالمدينة مجالس العلم، وحِلقات الذِّكر، التي استقت فكرتها من المجلس النبوي، فكان الصحابة فضلاً عن تنافسهم على حضور مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم- يعقدون مجالس بينهم يتذاكرون فيها ويتدارسون، ويُعلّم بعضهم بعضاً القرآن وأسس الدين، ويعرضون ما اختلفوا فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يكونون بين يديه، ليُبيِّن لهم الحق، وكان لتلك الحركة دورٌ ظاهر في تشجيع العلم وذمّ الجهل، فبرز من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أسماء، ممن لازم النبيّ صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه جانباً من أمور الدين فبرع فيه، كقراء القرآن الكريم وتأويله، وعلم الحلال والحرام، وعلم المواريث.
وفي آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، ازداد عدد الوفود من قبائل العرب التي قدمت إلى المدينة لتعلن إسلامها، وتنهل من المَعين النبويّ الصافي، ولكي تعود إلى من وراءها مبلّغة للإسلام وناقلةً لصورة الحياة العلمية الثقافية في المدينة.
وبعد وفاة النبي لم ينقطع ذلك النشاط العلمي الثقافي في المدينة، بل توسع وازداد في المدينة وخارجها، خاصة مع ازدياد أعداد من هاجر إلى المدينة من المسلمين من شتى أنحاء الجزيرة ليستقرّ بها فهي لا تزال عاصمة الإسلام الأولى حتى ذلك الحين، وخروج الصحابة في الفتوحات الإسلامية لنشر الإسلام وإبلاغ سماحته إلى أرجاء العالم، حيث استقرّت أعدادٌ منهم في البلاد المفتوحة، ونقلوا نسخة مصغّرة عن ذلك النشاط الثقافي في المدينة إلى تلك البلدان، وصارت مجالسهم وحِلَقهم منارات علمٍ، ومعاهد يزورها طلاب الحديث النبوي والثقافة الإسلامية.
وفي عهود الخلفاء الراشدين الأربعة : أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ - عليهم رضوان الله أجمعين - أصبحت المدينة المقصد الأول لطلاب العلم من شتى أرجاء الدولة الإسلامية التي بلغت في مداها الشرق والغرب، وكان حُلم كل طالب علمٍ أن يسافر إلى المدينة، عاصمة الدولة الإسلامية، ليُدرك البقية الباقية من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة ليأخذ عنهم مباشرة ودون واسطة، فبرز في المدينة نشاط علمي منقطع النظير، خاصة في المسجد النبوي الذي اكتظّ بحلقات العلم في شتى الفنون والعلوم، وكان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يجلسون لرواية الحديث والإفتاء والقضاء، حيث استفاد من علمهم الآلاف، وصارت سواري المسجد النبوي مواقع للقراء والمحدثين والفقهاء وغيرهم من العلماء، يتحلّق حول كل منهم مجموعة من الشغوفين بالعلم يسمعون، ويكتبون ويسألون ويُجابون، يقصدها العلماء والمتعلمون من المدينة أولاً، ومن كل قطر إسلامي، فقلّما تقرأ سيرة عالم نابِه ولا تجد فيها أنه شد الرحال إلى المدينة، وجلس في مسجدها وأخذ عن علمائها. وعُدّ عمل أهل المدينة وسُنّتهم حُجة في العبادات والمعاملات، لما بلغوا من العلم والثقافة، ودقّة الأخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، والحرص على الاقتداء بسنّته.
وقبل انتهاء عهد الخلافة الراشدة كانت المدينة المنورة لا تزال عاصمة الإسلام الإدارية والثقافية، ولم يؤثر نقل الخلافة الإسلامية على ريادة المدينة الثقافية بين المدن الإسلامية كافة، فقد تواصل النشاط العلمي الثقافي وبلغ ذروته في العهد الأمويّ، وظهر في المدينة المنورة عُلماء كبار، كانوا أول من وضع أسس العلوم الإسلامية المختلفة، في الفقه والحديث والتفسير وأصولها، وفي اللغة العربية وعلومها.
واشتهرت مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام بالفقهاء السبعة الذين انتهت إليهم الفُتيا في المدينة بعد الصحابة، كما أنّ إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه كان إليه منتهى الفقه في زمانه، وكان من أهل المدينة.
ويُرجع العلماء المذاهب الفقهية المشهورة كافةً إلى المدينة المنورة وعلمائها وشهدت المدينة المنورة أولى مراحل تدوين العلوم الإسلامية، خاصة في الحديث والفقه، ودارت معظم أسانيد رواية الحديث النبوي على رواة من أهل المدينة من الصحابة والتابعين , وانتشرت الكتاتيب ومجالس الإقراء والحديث، ونوادي الأدب والشعر، والقصص والسير والتاريخ.
وفي العصر العباسي استمرّ إشعاع المدينة الثقافي، بما ازدهر بها من علوم، وما أثرت به في مجال الثقافة الإنسانية عموماً وثقافة الدولة الإسلامية خصوصاً، حيث كان لها دور فعال في تشكيل الأنماط الثقافية التي عرفها المسلمون في العصر العباسي، نتيجة لحركة العلماء وتبادل الأفكار، التي مهدت بدورها لحركة الازدهار الثقافي الإسلامي المشهودة في القرون اللاحقة، تلك الحركة التي نمت بذورها في مدرسة المدينة المنورة الثقافية، وأثرت في التشكيل الثقافي للأمصار الإسلامية، ونجحت في التصدي لحركات الفرق والجماعات المنحرفة، التي عمت العالم الإسلامي منذ قيام الدولة العباسية، وكان الفقه الذي ازدهر في مدرسة المدينة وانطلق منها السياج الواقي بعد حفظ الله، أمام تلك الفرق والمذاهب.
وأنتجت تلك الحركة العلمية الإسلامية اكتشافات كبرى في العلوم الإنسانية والطبيعية استندت إليها معظم الاختراعات والاكتشافات العلمية في ذلك العصر وفي العصور التالية، وامتدّ تأثيرها إلى يومنا هذا حتى على أحدث المخترعات التقنية، وكان لعلماء المسلمين أعظم الأثر في مدّ البشرية بالعلوم وإخراجها من عصور الجهل والانحطاط إلى عصور العلم، حتى غدت أُمَماً متقدِّمة.
وحفلت المدينة المنورة بعدد من المكتبات الخاصة والعامة، وترك طلابها وعلماؤها كمًّا كبيراً من الكتب المخطوطة في شتى العلوم. وظلت المدينة المنورة تخدم النشاط العلمي الإسلامي، ولم تنقطع مشاركتها الثقافية في نهضة الأمة على مدى عهد الدولة العباسية الممتد، وكان لعلمائها على مدى تلك القرون اليد الطولى في التأليف والتدريس وتجديد العلوم.
كما يعد العهد المملوكي امتداداً للنشاط العلمي في المدينة المنورة في ذلك العصر، وكان التعليم أبرز مظاهر الحركة الثقافية آنذاك، حيث شمل ذلك النشاط حلقات العلم المتنوعة في المسجد النبوي، والدروس الراتبة في المدارس، ومجالس المذاكرة في الأربطة والبيوت، والتعليم الأوليّ في الكتاتيب.
وظلت المدينة مزاراً علميًّا وثقافيًّا في العصور المتأخرة، ولم تغِب عن المشهد الثقافي الإسلامي بل ظلت فاعلة فيه مستمدّة قوّتها من تَوْق الأفئدة إلى زيارتها، وشوق النفوس إلى السكن فيها، وقصدها كل من كان مهتمًّا بعلوم الفقه أو الحساب أو الطب أو الفلك أو الفلسفة، فهاجر إليها كثيرون من علماء العالم الإسلامي، وتتلمذ على يديهم الكثير من أبناء الحجاز.
وبرزت الحركة العلمية والثقافية في المدينة عبر العصور بميزة "المجاورة"، حيث يَفِد إلى المدينة علماء مشهورون، ليقيموا فيها بضع سنوات أو إلى آخر حياتهم ويواصلوا عطاءهم العلمي في مستقرهم الجديد، مستعينين بقوة روحية تعينهم على مزيد من الإبداع، فيجلس بعضهم في المسجد النبوي، ويجتهد بعضهم الآخر في أن يجد موقعاً دائماً له في الروضة الشريفة، ويلتقي العلماء من أنحاء العالم الإسلامي، ويتحاور بعضهم في قضايا مختلفة، ويأخذ بعضهم من بعض، ويقرأ بعضهم على بعض، فتنفتح آفاق جديدة وثريّة من الإبداع.
وكانت حلقات المسجد النبوي أشبه بجامعة إسلامية مفتوحة فيها شيوخ مقيمون، يديرون حلقاتهم لسنوات طويلة، ويتخرج منها العشرات من طلاب العلم، يتحول معظمهم إلى شيوخ في المدينة، أو في المدن التي جاوروا فيها، أو التي يرحلون إليها بعد ذلك. وفيها شيوخ زائرون قدموا للمدينة في زيارة قصيرة أو جوار محدود، وكانت لهم شهرة سبقتهم إلى المدينة، فأقبل عليهم الطلاب والعلماء، وسألوهم أن يحدِّثوهم أو يقرأوا عليهم شيئاً من مؤلفاتهم، أو من التراث، فتصدوا لذلك مدة من الوقت ثم عادوا من حيث أتوا، كما شهدت المدينة المنورة في هذا العهد إنشاء عدد من الأربطة والمدارس والزوايا والمكتبات.
ومع بدأ العهد السعودي في المدينة المنورة ، وعندما بايع أهل المدينة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - لم تكن بداية العهد السعودي حدثاً عادياً رغم كل ما صاحبه من طمأنينة وسلاسة، بل كان نتيجة لسلسلة من الأحداث، تمتد جذورها لسنوات عدة، عاش فيها أهل المدينة موجات متوالية من القلق والاضطراب، بل ومن الحصار والجوع والتشريد، وهو ما أثر بدوره على الحياة الثقافية في المدينة، حيث مرت المدينة بفترات كانت فيها شبه خالية من أهلها فضلاً عن وجود نشاط ثقافي فيها، بالرغم من بقاء خيوط من الصلة ربطت المجتمع بعصر الازدهار الثقافي السابق واللاحق.
وبرز العهد السعودي والمدينة المنورة بالكثير من المدارس والكتاتيب التي لا يكاد يخلو منها شارع، كما كانت حلقات المسجد النبوي مفتوحة تستقبل الطلاب والدارسين، وكانت الأندية الأدبية والثقافية حافلة بالأدباء والمثقفين، إلا أن فقدان نعمة الأمن، وتكرار الاضطرابات السياسية كان قد عطل الحركة الثقافية، حتى منّ الله على المدينة وأهلها بالأمن والأمان الذي صاحب وصول الحكم السعودي.
وما إن استقرت الأوضاع في منطقة المدينة المنورة خاصة، وفي الحجاز عامة، حتى بدأت الحياة الثقافية في المدينة المنورة تستعيد عافيتها، وتتجه نحو التطور والارتقاء شيئاً فشيئاً مواكبة لتطور جوانب الحياة الأخرى، الاقتصادية والاجتماعية ومتفاعلة معها، والتي استفادت كلها من حالة الأمن والطمأنينة التي انتشرت في سائر أنحاء المملكة، وظهرت بوضوح أشد في المدينة ومكة المكرمة وفي طريق الحجاج بعامة، التي حرص الملك عبدالعزيز رحمه الله، على تأمنيها ونجح في ذلك نجاحاً كبيراً، فتهيأت لمحاضن الثقافة ظروف رعاية ما تحتضنه، ومنحت المبدعين والمثقفين وطلاب العلم فرصة تنشيط إبداعهم وزيادة عطاءاتهم أو مكتسباتهم من معين الثقافة، حيث تمثلت المحاضن الرئيسية للحياة الثقافية آنئذٍ في حلقات العلم في المسجد النبوي، والتعليم الرسمي والأهلي، والصحافة، والمجالس الثقافية بما فيها من مثقفين وأدباء.
وأفتتحت بالمدينة المنورة أول مدرسة سعودية، وضمّت طلاباً من مدارس كانت موجودة سابقاً، وآذنت بانطلاق التعليم الرسمي في العهد السعودي، وتلاها افتتاح عدد من المدارس والمعاهد العلمية , كما عادت المدارس الأهلية في المدينة إلى نهضتها، مستفيدة من تجربتها الطويلة في إنشاء وإدارة تلك المدارس بفضل الله ثم بفضل الأوقاف الخيرية التي كانت النواة الأولى لتأسيسها , ونالت مدارس المدينة المنورة شهرةً عليا وتخرج منها طلاب أصبحوا فيما بعد من أبرز قادة الفكر والثقافة والسياسة في المملكة.
ولم تُحرم الفتيات من التعليم في المدينة المنورة، بل كانت كتاتيبهن حاضرة قبل الوجود الرسمي لتعليم البنات، وتأسست بالمدينة أكثر من سبع مدارس أهلية للبنات ضُمّت فيما بعدُ لنظام التعليم السعودي , وازدهر التعليم النظامي في المدينة المنورة حتى صارت تحتضن مئات المدارس للجنسين، وعدداً من المعاهد والكليات. وشهدت المدينة المنورة تأسيس الجامعة الإسلامية عام 1381هـ لتستقبل أبناء المسلمين من أنحاء العالم لدراسة العلوم الشرعية والعربية، حيث تخرج فيها أكثر من أربعين ألف طالب يمثلون أكثر من 167 جنسية، عادوا إلى بلدانهم محمَلين بالعلوم الإسلامية الصافية، ليكونوا دعاة خير وسلام في شتى أرجاء العالم.
وتوالى افتتاح فروع للجامعات في المدينة المنورة، فأُسس فرع جامعة الملك عبدالعزيز وفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ليتحولا فيما بعد إلى جامعة طيبة التي يدرس بها بجميع فروعها أكثر من 60 ألف طالب وطالبة في مختلف التخصصات والعلوم. وظل نمو التعليم في المدينة في ازدهار بدءًا من عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيزآل سعود - حفظه الله -، وبلغ نموًّا لم تشهد له المدينة مثيلاً.
ولا زال المسجد النبوي يواصل عطاءه العلمي والثقافي إذ يضمّ عشرات الحلقات العلمية لعلماء كبار، والعديد من الحلقات الموسمية للحجاج والزوار بمختلف اللغات، إضافة إلى مكاتب التوعية والإرشاد والإفتاء المنتشرة في جنبات المسجد وفي المنطقة المحيطة به وفي مواقع معالم المدينة المنورة التاريخية. كما تنتشر في مساجد المدينة المنورة حلقات علمية تحت إشراف الجهات الرسمية، منها ما هو دائم ومنها ما يرتبط بدورات موسمية.
وظهرت المجالس والأندية الأدبية والثقافية الخاصة في المدينة؛ فضلاً عن الدور البارز لنادي المدينة الأدبي الثقافي؛ ولا زالت تعقد مجالس خاصة في البيوت والمزارع، يلتقي فيها جمع من المثقفين والشعراء والكتّاب ومحبي الثقافة، لمناقشة قضايا علمية أو أدبية أو ثقافية، تُثري الساحة بإبداعات مختلفة، وتقوي روابط التواصل بين أهل الثقافة والأدب .