• ×
السبت 18 شوال 1445

39 % تراجع قيمة الصفقات العقارية بفعل رسوم الأراضي

39 % تراجع قيمة الصفقات العقارية بفعل رسوم الأراضي
بواسطة fahadalawad 11-06-1436 11:20 مساءً 604 زيارات
ثقة ـ متابعات : سجلت السوق العقارية المحلية أدنى معدل لقيمة للصفقات الأسبوعية منذ 29 آب (أغسطس) 2013، لتستقر عند أدنى من 4.9 مليار ريال (3.1 مليار ريال قيمة صفقات القطاع السكني، 1.8 مليار ريال قيمة صفقات القطاع التجاري)، منخفضة خلال الأسبوع الماضي بنحو 38.5 في المائة، متأثرة بموافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، التي صدرت يوم الإثنين الماضي بتاريخ 23 آذار (مارس) 2015.

كما انخفضت على مستوى إجمالي مبيعات السوق للعقارات الأسبوعية بنحو 29.8 في المائة، لتستقر بنهاية الأسبوع عند 5443 عقارا مبيعا (4749 عقارا مبيعا في القطاع السكني بنسبة انخفاض 28.3 في المائة، 694 عقارا مبيعا في القطاع التجاري بنسبة انخفاض 38.5 في المائة). وانخفضت أيضا على مستوى إجمالي صفقات السوق الأسبوعية بنحو 24.2 في المائة، مستقرة عند مستوى 5294 صفقة عقارية (4672 صفقة عقار في القطاع السكني بنسبة انخفاض 24.3 في المائة، 622 صفقة عقار في القطاع التجاري بنسبة انخفاض 23.4 في المائة).

لقد جاءت ردة فعل السوق العقارية المحلية تجاه الموافقة على إقرار الرسوم على الأراضي البيضاء متوافقة مع أغلب التوقعات (باستثناء توقعات تجار العقار، التي روجت كثيرا لعدم توجه الدولة إلى إقرارها)، انعكست حالة الترقب تلك لدى عموم أفراد المجتمع على تعاملات السوق العقارية طوال الأشهر الخمسة الماضية، وشهدت خلالها شدا وجذبا بين إقرار تلك الرسوم أو عدم إقرارها، وإن كانت أغلب التوقعات تميل إلى ترجيح كفة صدور الموافقة على إقرار الرسوم على الأراضي البيضاء، كواحد من أهم الحلول اللازمة لمعالجة التشوهات التي تعج بها السوق العقارية المحلية، وما نتج عنها من انعكاسات سلبية بالغة الأثر في تفاقم الأزمة الإسكانية في البلاد.

أدى كل ذلك بدوره إلى دخول السوق العقارية المحلية في حالة من الركود طوال الأشهر الأخيرة، تراجعت معها مبيعات مختلف أنواع العقارات، وسجلت بالتزامن معها تراجعات طفيفة في مستويات الأسعار المتضخمة جدا في السوق، بنسب راوحت بين 9.0 في المائة بحد أدنى إلى 20.0 في المائة بحد أقصى، وهي نسب تراجع تكاد لا تذكر على الإطلاق أمام معدلات ارتفاع في أسعار الأراضي والوحدات السكنية خلال 2006-2014 قفزت بها خلال الفترة بأكثر من عشرة أضعاف أسعارها السوقية، وتفاقمت معها بدورها تحديات الأزمة الإسكانية، إلى أن وصلت إلى نهاية طريق مسدود تماما، كان لا بد من تدخل الدولة لحل تلك الأزمة العالية المخاطر على المستويات كافة، وهو بالفعل ما حدث بصورة أكثر جدية خلال الشهرين الماضيين، بعد أن بدأ فعليا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في ممارسة مهامه ومسؤولياته، واضعا نصب عينيه هذا التحدي كأول وأكبر التحديات التنموية اللازم التصدي لها بكل حزم وصرامة.

رسوم الأراضي البيضاء بين ترحيب المواطنين ورفض العقاريين

لم تكن ردود الفعل على صدور موافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، بالخارجة عن المتوقع! فمقابل الترحيب الكبير جدا من قبل أكثرية الأفراد من المواطنين كما أثبتته تطلعاتهم طوال الأعوام الأخيرة، كان متوقعا جدا أن تقابل بالرفض الشديد من قبل تجار العقار، وعموم المستفيدين دون سواهم من التشوهات الخطيرة الكامنة في السوق العقارية، وهو الأمر الذي يمكن فهم خلفياته بالنسبة لكل طرف من الطرفين، كون الطرف الأول الأغلبية ممثلا في الأفراد الذين يشكلون قوة الطلب الشراء، وصلت إلى أدنى مستوى من الخيارات، أو يكاد معدوما تماما لشريحة منها مقابل الارتفاع الكبير جدا في مستويات الأسعار، فلم يعد مجديا بالنسبة لها ولا حتى على مستوى قدرتها من حيث الدخل أو القدرة الائتمانية، أن تتمكن من الشراء بتلك الأسعار المتضخمة جدا! مقابل الموقف المتصلب جدا من قوى العرض البيع ممثلا في كل من تجار الأراضي والعقارات، بعدم خفض مستويات تلك الأسعار المتضخمة، على الرغم من اضطرار بعض أولئك التجار للرضوخ رغما عنهم لموجة الركود التي طغت على أداء السوق العقارية طوال الأشهر الخمسة الأخيرة، ولكنها قياسا على تدني نسبة التخفيضات التي قامت بها متوسط 9.0 في المائة بالنسبة للوحدات السكنية، متوسط 20.0 في المائة لقطع الأراضي، لم تكن كافية لإخراج السوق من حالة الركود التي عمت أغلب أنشطتها.

كما تم ذكره في أكثر من مقام ومقال وتقرير؛ أن حالة الركود التي تمر بها السوق العقارية لن تخرج منها إلا بتغيير حقيقي وعميق في المعطيات الرئيسة التي تقف عليها، ودون ذلك فإنها ستستمر في أدائها الرتيب شهرا بعد شهر، وهو ما لا يخدم على الإطلاق الأداء الاقتصادي، ولا يلبي في مجمله احتياجات أفراد المجتمع على مستوى الجوانب التنموية الشاملة والمستدامة. كان لا بد من التحذير المستمر والمتكرر لسيناريو التوجه نحو زيادة القدرة الائتمانية للأفراد، سواء من قبل صندوق التنمية العقارية أو من قبل المصارف التجارية ومؤسسات التمويل العقاري، كون نتيجته الوحيدة هي دعم وتيرة صعود الأسعار، وزيادة التضخم في أسعار الأصول العقارية من أراض ووحدات سكنية، الذي يعني في خاتمته مزيدا من تفاقم الأزمة الإسكانية محليا، ومزيدا من ارتفاع درجات المخاطر الاجتماعية والاقتصادية التي ستهدد بصورة أكبر استقرار البلاد والعباد، وحدوث ما لن تحمد عقباه في نهاية المطاف، والتورط في وحل أزمات مالية واقتصادية واجتماعية لا يعلم حدود تدميرها إلا الله -عز وجل.

نجاح إيقاف الشراء لا يعني نجاح إيقاف البيع

لقد خدم توقف أغلب الأفراد عن شراء الأراضي والعقارات بتلك الأسعار المتضخمة التي وصلت إلى ذروتها منتصف العام الماضي، سواء كان ذلك التوقف برغبة منهم أم لانعدام قدرتهم الشرائية من الأصل! وقد بدأت نتائجه تتجلى لهم. في المقابل؛ لا يعني التوقف عن البيع في الوقت الراهن ومستقبلا من قبل قوى العرض، وعدم القبول بمستويات أسعار أدنى من السابق أو من أهدافهم السعرية، أنه سيحظى بذات النجاح! بل على العكس فإنه سيكون مصدر خسارة، ستتفاقم فترة بعد فترة كما سأبين بعد قليل.

بدا توجه الدولة واضحا أنه في الاتجاه الأمثل، وهو الاتجاه الذي ارتأى اعتماد وإقرار السياسات والخيارات المؤدية إلى انخفاض مستويات الأسعار المتضخمة، كان أول وأهم خياراته إقرار مؤسسة النقد العربي السعودي نسبة الحد الأقصى للتمويل العقاري بما لا يتجاوز 70 في المائة من حجم التمويل، وبدءها التطبيق الإلزامي الكامل لنظام مراقبة شركات التمويل بتاريخ 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، كان له آثار قوية في أداء السوق العقارية، وتسبب في إلجام قوى الشراء إلى حد بعيد، الذي بدوره أضعف كثيرا من قوى المضاربة في السوق، ونتج عنه في أجزاء كبيرة منه حدوث انخفاضات في الأسعار، وهي نتيجة إيجابية على الرغم من محدودية نسب الانخفاض التي لم تتجاوز في أبعد الحدود 20.0 في المائة، وقياسا على قصر فترة تطبيقه حتى اليوم (لا تتجاوز الأشهر الخمسة).

الخيار الثاني، الذي أتى بعد نحو أربعة أعوام من الانتظار ممثلا في إقرار الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني للمدن والمحافظات والمراكز، والمرتقب أن يتم العمل به فعليا حسبما نشرته صحيفة الشرق الأوسط أخيرا مطلع العام المقبل 2016، إلا أن آثاره بدأت كما يبين هذا التقرير من اليوم التالي للإعلان عن الموافقة عليه من مجلس الوزراء، ويتوقع أن يتزايد تأثيره طوال الفترة المقبلة، وامتداده مستقبلا، وأن يضاف أثره الإيجابي في خفض الأسعار المتضخمة في السوق إلى أثر الخيار الأول المشار إليه أعلاه تحديد نسبة الحد الأقصى للتمويل العقاري بما لا يتجاوز 70 في المائة من حجم التمويل.

وبإضافة تلك العوامل أعلاه إلى ما يجري العمل عليه في الوقت الراهن من قبل وزارة الإسكان بعد تغيير قيادتها، والتشجيع والدعم المستمر الممنوح لها من الدولة بصورة مباشرة، ممثلا في الإشراف والمتابعة الكثيفة من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، يتوقع أن يترجم -بمشيئة الله تعالى- بنجاح تلك الوزارة في ضخ مزيد من المشاريع الإسكانية، وتوفير المساكن لقوائم طالبيها فترة بعد فترة، بما سيؤدي عبر الفترات الزمنية القريبة المقبلة إلى حل الأزمة الإسكانية، ستكون الثمرة الرئيسة لها هو انخفاض الأسعار المتضخمة للأصول العقارية، واستمرارها طوال الأعوام المقبلة إلى أن تستقر عند حدودها المقبولة والعادلة لها.

ختاما؛ لعل أهم ما تجدر الإشارة إليه الآن، أنه بدءا من منتصف الأسبوع الماضي أصبح جليا تماما أن الخيارات لدى عموم الأفراد الساعين إلى تملك أراضيهم أو مساكنهم في طريقها إلى الاتساع يوما بعد يوم، وفترة بعد فترة؛ أهم عامل في هذا المقام هو المسار الهابط للأسعار المتضخمة، فكلما انخفضت تلك الأسعار زادت خيارات الأفراد، وزاد تحسنها بالنسبة لهم، الذي بدوره يعني منحه مرونة أكبر في اتخاذ قرار الشراء من عدمه، وفقا لقدرته من حيث الدخل مقابل ما يراه مناسبا له في خصوص مستوى الأسعار السوقية. وهو على العكس تماما بالنسبة لفريق البائعين جانب العرض، فكلما تصلب في تمسكه بالأسعار المرتفعة، ضاقت خيارات قدرته على البيع لاحقا، ما سيضطره إلى البيع بأسعار أدنى بكثير مما كان متاحا له في وقت سابق! ولن يستطيع أبدا مقاومة قوى السوق وهي تتجه بالأسعار نحو مزيد من الانخفاض، ولن يجديه أبدا إنكار هذه التطورات في الوقت الراهن، بقدر ما أن رضوخه اليوم لمنطق السوق قد يكون مصدر ربح بالنسبة له، على عكس ما قد يتعرض له من خسائر محتملة مستقبلا، برهانه المفلس على توقع عودة الأسعار للارتفاع، في الوقت الذي تشهد خلاله فعليا تراجعها، دون أن تعبأ به.