• ×
الجمعة 17 شوال 1445

انتخابات الرئاسة المصرية لن تنحي قادة الجيش جانبا

انتخابات الرئاسة المصرية لن تنحي قادة الجيش جانبا
بواسطة fahadalawad 23-06-1433 08:05 مساءً 1.1K زيارات
ثقة : القاهرة رويترز   قرب المكان الذي شهد احتجاجا عنيفا ضد الجيش وتناثرت فيه الحجارة جلس إسلاميون وليبراليون وساسة آخرون مع أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة هذا الشهر لبحث مستقبل مصر بعد أول انتخابات رئاسية تشهدها منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
ومن بين الموضوعات التي طرحت خلال اجتماع وزارة الدفاع من الذي سيكتب دستورا جديدا وما هي الصلاحيات التي سيتمتع بها خليفة مبارك. وعقد الاجتماع بعد ساعات من مقتل 11 شخصا خلال اشتباكات.
ولم يسفر الاجتماع عن رؤية واضحة.
وحين تبدأ الانتخابات في 23 و24 مايو ايار والتي سيضع السباق فيها الإسلاميين في مواجهة رجال خدموا خلال فترة ما في عهد مبارك لن يعرف المصريون التوصيف الوظيفي الدائم لرئيسهم القادم.
وقال احمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار وهو يصف المحادثات التي حضرها في الثاني من مايو ايار بين قيادات الأحزاب السياسية والمشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع "إنها مثل لعبة البوكر".
والمفاوضات المغلقة بعيدة كل البعد عن الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها الشوارع والتي أسقطت مبارك خلال 18 يوما.
بعد ذلك بخمسة عشر شهرا تعثرت الثورة التي خلبت ألباب العالم وألهمت العرب تحت وطأة تحول سياسي أداره قادة الجيش الذين تسلموا السلطة من مبارك - الذي كان قائدا للقوات الجوية سابقا - بعد الإطاحة به.
ولا تزال احتجاجات تندلع في الشوارع من حين لآخر لكن التغيير الآن يمليه صراع بين الساسة المدنيين والجيش الذي كان ركيزة لحكم مبارك والمتوقع أن يظل لاعبا رئيسيا مؤثرا في الأحداث لفترة طويلة بعد أن يسلم السلطة رسميا لرئيس جديد بحلول الأول من يوليو تموز.
وتطل وجوه مرشحي الرئاسة من لافتات وملصقات في أنحاء البلاد التي يتجاوز عدد سكانها 80 مليون نسمة. ويعدون بالتغيير. لكن الانتخابات لن تضع نهاية سريعة للاضطرابات على الرغم من أنها ستضم لاعبا سياسيا جديدا الى المشهد.
وقال شادي حميد مدير قسم الأبحاث بمركز بروكنجز الدوحة "سيكون هناك الكثير من التخبط. مادامت الأدوار غير محددة فإننا سنرى صراعا على السلطة بين القوى المختلفة."
وأضاف "سيكون هناك الكثير من اللجوء لسياسة حافة الهاوية. سيكون هناك الكثير من الاحتجاجات. سيكون هناك قدر من العنف."
وأثارت هذه الوتيرة المضنية غضب النشطاء الليبراليين الذين كانوا مصدر إلهام للثورة بسبب عدم التخلص من تركة مبارك. ويشكو الإسلاميون من تجاهل المكاسب الضخمة التي حققوها في الانتخابات. وضاق الكثير من المصريين ذرعا بالاضطرابات التي أضرت بالاقتصاد.
وقال احمد جابر (23 عاما) الذي شارك في الاحتجاج ضد الجيش امام وزارة الدفاع هذا الشهر "الثورة لم تفشل... لكنها لم تكتمل بعد. بإذن الله سنستكملها. ربما يستغرق هذا خمسة اعوام."
لكن المصريين يستمتعون بنوع من السياسة لم يكن يخطر ببالهم في عهد مبارك. وفي الأسبوع الماضي تواجه المرشحان اللذان يتصدران سباق انتخابات الرئاسة الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى والمرشح الإسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح في مناظرة لم يسبق لها مثيل على الطراز الأمريكي.
وكتبت مينوش عبد المجيد على موقع تويتر قبيل بدء المناظرة التي استمرت أربع ساعات ليل الخميس وانتهت بعد منتصف الليل "تاريخ يُصنع. المصريون يتوجهون الى منازلهم لمشاهدة اول مناظرة رئاسية على الإطلاق."
وأعادت الانتفاضة صياغة علاقات مصر بالمنطقة والغرب. وتتحدث الولايات المتحدة الآن علنا مع جماعة الاخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الإسلامية التي كانت تتجاهلها لفترة طويلة.
وتتابع اسرائيل بحذر فيما ينتقد المرشحون للرئاسة معاهدة السلام التي وقعتها مع مصر عام 1979 وإن كانوا مازالوا يعدون باحترامها.
في الوقت نفسه يشعر حلفاء مبارك الخليجيون بالقلق من أن تمتد الاضطرابات الشعبية الى ممالكهم.
لكن ركائز الدولة التي عززت حكم مبارك لاتزال متماسكة. وتتباهى المؤسسة العسكرية بأنها انحازت للشعب لتغيير مبارك لكن لا يوجد حديث عن تغيير مؤسسي أعمق. وكان طنطاوي وزير دفاع مبارك لمدة 20 عاما. ولم تشهد وزارة داخلية مبارك وقوة الشرطة التابعة لها إصلاحات.
وقال عصام العريان القيادي بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين والمهيمن على البرلمان حاليا إن الجماعة تحترم المؤسسة العسكرية لكنها لن تسمح لها بالتمتع بنفوذ سياسي في الدولة الجديدة.
وخسرت جماعة الاخوان التي تأسست منذ 84 عاما وتسعى الى استغلال مكاسبها السياسية مناوشة مع الجيش حين دعا حزب الحرية والعدالة الى إقالة الحكومة التي عينها الجيش.
بدلا من هذا أجري تعديل وزاري محدود ولم يتم ضم أعضاء من حزب الحرية والعدالة الى التشكيل الجديد.
وقال العريان إن التخلص من سيطرة الجيش على الدولة المدنية عملية تدريجية لأن اي قرار متسرع سيؤدي الى مواجهة بين المدنيين والجيش.
وقال محمود غزلان عضو مكتب الارشاد بجماعة الاخوان إن إبعاد الجيش عن المشهد يمكن أن يستغرق اكثر من عشر سنوات.
كما يتحدث دبلوماسيون غربيون عن أن فك ارتباط الجيش بالحياة السياسية وتحويله الى جيش يستطيع الزعماء المدنيون محاسبته ليس بالمهمة الهينة. ويقول ضباط بالجيش في أحاديث خاصة إن تحقيق أهداف الثورة سيستغرق أعواما. ويؤكدون أن الجيش يريد الابتعاد عن السياسة لكنه لايزال مستعدا للمساعدة حين يستدعى.
غير أن الوضع مربك لقادة الجيش في الوقت الحالي. ومنذ أطاح تنظيم "الضباط الأحرار" بالملك فاروق عام 1952 توالى الرؤساء العسكريون على مصر.
وتجنب الجيش السياسة لثقته في أن الرئيس يرعى مصالحه. في الوقت نفسه حصل الجيش على امتيازات وأقام مصالح تجارية واسعة النطاق بدءا من مجمع صناعي عسكري وانتهاء بمصانع لتعبئة المياه فيما يشبه دولة موازية للدولة.
وكان المرشحون الرئيسيون قد قالوا إن وضع الجيش سيتغير. وقال موسى (75 عاما) والذي كان وزيرا للخارجية في عهد مبارك إن الرئيس وليس الجيش هو الذي سيملك زمام السيطرة على الأمور. ويؤكد ابو الفتوح (60 عاما) ومرشح جماعة الاخوان محمد مرسي (60 عاما) أن الجيش لن يكون فوق الدستور.
ومن بين المرشحين البارزين ليس هناك سوى احمد شفيق الذي كان ضابطا بارزا بالجيش. وعلى غرار مبارك كان قائدا للقوات الجوية سابقا كما كان آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس المخلوع.
وفي مقابلة مع رويترز في فبراير شباط الماضي قال شفيق (70 عاما) إنه لابد وأن المدنيين متعجلون ويعتقدون انه بمجرد انتخاب الرئيس الجديد فإنه سيتحرك بحرية بمعزل عن الجيش وأضاف أن هذا ليس صحيحا.
ومن المرجح ان يواجه رئيس مصر الجديد مشاكل ملحة على الجبهة الداخلية ستلهيه عن التعامل مع قضية الجيش. ومن المهام العاجلة إنعاش الاقتصاد الذي تضرر بشدة بسبب عزوف المستثمرين والسائحين عن مصر.
لكن دور الجيش سيبدأ في التغير ولو ببطء.
وقال حميد من مركز بروكنجز "سيكون هناك تغيير نسبي مثلما حدث في تركيا. تركيا تقدم نموذجا بشأن كيفية حدوث هذه التغييرات. تبدو محدودة وتدريجية في البداية لكنها تتراكم على مدار الوقت."
في تركيا تقلص نفوذ الجيش الذي كان مدافعا عن الدولة العلمانية وحاميا لها تدريجيا على أيدي حزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الجذور الاسلامية.
وتثير هذه المقارنة قلق الجيش المصري فكبار قادة وضباط الجيش التركي يمثلون الآن امام المحاكم لدورهم في إسقاط حكومة في اواخر التسعينات.
ويشير مرشحون للرئاسة الى أنهم لا يريدون أن يضعوا القادة العسكريين في قفص الاتهام لكن الجيش أثار انتقادات شعبية بسبب طريقة تعامله مع الاحتجاجات. وشوهت مشاهد لجنود يضربون متظاهرين سمعته على الرغم من أن الكثير من المصريين يعتبرون الجيش حاميا لهم من الفوضى.
ويقول قادة الجيش إن أغلبية الشعب تؤيدهم. وقال اللواء حسن الرويني لرويترز قرب اعتصام وزارة الدفاع إنه يجب سؤال المواطنين المصريين العاديين الى أي مدى أضيروا من جراء هذه الاحتجاجات التي وصفها بأنها ليس لها اي هدف سوى تعطيل الحياة اليومية للناس.
ويقول محللون ودبلوماسيون إن القادة العسكريين يريدون أن يضمنوا الحصانة من المحاكمة وحماية الامتيازات التي يتمتعون بها والاحتفاظ بسيطرتهم على السياسة الدفاعية والخارجية خاصة فيما يتعلق باسرائيل اذ يتلقى الجيش مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة قيمتها 1.3 مليار دولار سنويا بموجب اتفاق السلام الموقع بين مصر واسرائيل.
ومن الممكن ان يحتفظ الجيش بسيطرته من خلال اقتراح إنشاء مجلس للأمن القومي وهي فكرة يؤيدها المرشحون على نطاق واسع. وسيضم هذا المجلس وزراء كبار ورئيسي مجلسي الشعب والشورى وقادة بالجيش. ويقول ضباط في أحاديث خاصة إن هذا سيعطيهم مساحة كبيرة للتحكم في قضايا بدءا من قرار إعلان الحرب وانتهاء بنقص الخبز.
كما يريد الجيش حماية ميزانيته من أن يراجعها البرلمان.
وقد يتوقف مدى وسرعة انسحاب الجيش من المشهد العام الى حد كبير على قيام الأحزاب السياسية المصرية المتنازعة بتشكيل جبهة موحدة.
وفي الوقت الحالي يستضيف الجيش محادثات توجه فيها الدعوة لأحزاب مختلفة لحل خلاف بشأن الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الجديد. وانسحب ليبراليون من الجمعية التأسيسية التي شكلها البرلمان قائلين إن عدد الإسلاميين بها اكبر من اللازم.
وقال زياد بها الدين من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي "الجيش لاعب رئيسي وسيظل."
واستطرد قائلا "لكننا بحاجة ايضا الى تطوير قدرتنا على العمل كأحزاب سياسية داخل البرلمان وخارجه بغض النظر عما اذا كان الجيش جالسا على الطاولة ام لا