• ×
الجمعة 7 جمادى الثاني 1447

ماكرون يطلق برنامج الخدمة العسكرية الطوعية لمواجهة التحديات الأمنية

ماكرون يطلق برنامج الخدمة العسكرية الطوعية لمواجهة التحديات الأمنية
بواسطة مراد منذ 22 ساعة 25 زيارات
 ثقة: وكالات

لا تريد فرنسا أن تتأخر عن «الركب الأوروبي» في التحضر لحرب قد تحصل مع روسيا قبل عام 2030. ولم يتوان رئيس هيئة الأركان الجنرال فابيان ماندون عن تنبيه الفرنسيين من أن عليهم أن يتقبلوا التضحية بعدد من أبنائهم في حال نشوب حرب.

وضاعف الرئيس إيمانويل ماكرون ميزانية بلاده العسكرية، بحيث تصل للعام المقبل إلى 60 مليار يورو في الوقت الذي يدفع إلى تعزيز الشراكات الدفاعية الأوروبية والعمل من أجل ما يسميها «الاستقلالية الاستراتيجية». ومصدر هذه الدعوة التخوف من تخلي الولايات المتحدة عن الجناح الأطلسي للحلف الأطلسي.

لذا، لم يفتح ماكرون باب التفاوض على مد «المظلة النووية» الفرنسية إلى عدد من الدول الأوروبية، على أساس أن باريس تمتلك وحدها السلاح النووي من بين دول الاتحاد الأوروبي كافة. وأخيراً، فإن «الكتاب الأبيض» الأخير الذي صدر عن وزارة الدفاع يحذر من الطموحات الروسية، ومن الخطر الذي تمثله بالنسبة لفرنسا وأوروبا.

التحضر للحرب المقبلة
في هذا السياق، يندرج إطلاق ماكرو، من قاعدة تابعة للواء 27 للمشاة الجبليين في منطقة «إيزير» في جبال الألب، «الخدمة العسكرية الطوعية» للشباب والشابات البالغين ما بين 18 و19 عاماً ولمدة لا تزيد على عشرة أشهر.

ولأن كلام رئيس الأركان، والتحضيرات لإعلان عن المشروع الرئاسي أثارا كثيراً من المخاوف داخل البلاد، فقد شدّد ماكرون وبشكل لا يحتمل اللبس أن خدمة المتطوعين ستتم داخل فرنسا، إن كانت فرنسا القارية أو ما وراء البحار، ولن يُرسلوا أبداً إلى أي جبهات خارجية، في إشارة واضحة إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا.


وليس سراً أن ماكرون يُعدّ أحد أشد الداعمين لأوكرانيا في حربها مع روسيا، ويترأس مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ما يسمى «تحالف الراغبين» المستعدين لإرسال قوات «طمأنة» إلى أوكرانيا بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كما أكّد استعداده للمشاركة في هذه القوة. وهذه العناصر ضاعفت من «قلق» الفرنسيين وفق ما أظهرته استطلاعات الرأي، لذا عمد إلى تهدئة روع مواطنيه، بتأكيد أن المتطوعين لن يرسلوا إلى خارج البلاد.

تعتمد فرنسا، منذ عهد الرئيس جاك شيراك الذي ألغى الخدمة العسكرية الإلزامية، على جيش من «المحترفين». لكن القوات المسلحة تحتاج إلى مزيد من العناصر ذات التكلفة المنخفضة، بحيث سيتراوح الراتب الشهري للمتطوع ما بين 900 وألف يورو شهرياً. وقال ماكرون إن الغرض هو الوصول إلى تطويع 3 آلاف شاب وشابة منذ صيف العام المقبل حتى يبلغ سنويا 10 آلاف مشارك في عام 2030، ثم 50 ألفاً في عام 2035. ووفق الخطة الموضوعة، سيتم دمج المتطوعين، بعد شهر واحد من التدريب على النظام واستخدام السلاح، في الوحدات العاملة.

أما في حالة وقوع أزمة كبرى، فيمكن للبرلمان السماح بالاستدعاء الإلزامي لغير المتطوعين، ما يجعل الخدمة الوطنية إجبارية، كما كانت في السابق. لكن ماكرون سارع إلى استبعاد هذا السيناريو الذي وصفه بـ«الاستثنائي». ولأن هذا الجهد ضروري للشعب الفرنسي، وفق ماكرون، فسيتمّ تمويله بتكلفة مبدئية تقارب ملياري يورو.

لا سبيل للاستسلام
كان من الضروري أن يبرر الرئيس الفرنسي طلبه من الفرنسيين التضحية، لذا شدّد في كلمته على التغيرات الحاصلة في العالم، وقال: «في عالم مضطرب تُغلّب فيه القوة على القانون، وتصبح فيه الحرب واقعاً معيشاً، لا يحق لأمتنا أن تستسلم للخوف أو الذعر أو سوء الاستعداد أو الانقسام ».
وبنظره، فإن «الخوف لا يدرأ الخطر، والطريقة الوحيدة لتجنّب الخطر هي الاستعداد له». وهذه التهيئة تمر، في جانب منها، في بناء «نموذج جديد للجيش» يقوم على «نواة صلبة» من القوات العاملة التي تم تعزيزها، إلى جانب «عمق داعم» من داخل الأمة نفسها، مضيفاً أن «هذه القوة الجديدة ستنبثق من الشباب ومن الخدمة الوطنية».

بعد عامين على وصوله إلى قصر الإليزيه في 2017، عمد الرئيس الفرنسي إلى تحقيق وعد سابق التزم به إزاء الفرنسيين وقوامه إطلاق ما تسمى «الخدمة الوطنية الشاملة» غير العسكرية، التي كان الهدف منها تعزيز الانصهار الاجتماعي ومساعدة الشباب. وكانت تنطبق على الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و17 عاماً. لكن العمل به لم يكن، من جهة، شاملاً ولا ناجحاً. كما أنه «لم يعد ملائماً للسياق الاستراتيجي» الذي تعيشه البلاد.

وفي بعض الأحيان، أصبح مادة للتندر بين الشباب، وقورن بـ«السياحة المدفوعة». من هنا، فإن الخطة الجديدة تضع حداً له بحيث يتم التركيز على الخدمة العسكرية الطوعية. لكن ماكرون الذي أشاد أكثر من مرة بقدرة الفرنسيين، في تاريخهم الطويل، على التضحية، وقف في «منزلة بين المنزلتين» ولم يقتد بعشرة بلدان أوروبية تعتمد التجنيد الإلزامي، فيما اختارت خمسة منها الخدمة الطوعية، وهو النموذج الذي استوحاه ماكرون. وذكر الرئيس الفرنسي بالاسم بلداً أوروبياً وحيداً هو النرويج. إلا أنه قال بشكل عام إن الخطة «مستوحاة من ممارسات شركائنا الأوروبيين... وهي تحل في الوقت الذي يعمل فيه جميع حلفائنا الأوروبيين للرد على التهديد الذي يواجهنا جميعاً». ومؤخراً، أطلقت ألمانيا والدنمارك مشاريع مشابهة للمشروع الفرنسي.