• ×
الخميس 23 شوال 1445
فهد العواد

حمام مجلس الشورى !

فهد العواد

 0  0  1.2K
الحمام طائر رشيق حسن المظهر ، حباه الله بموصفات أحبها الإنسان ، فهو رمز السلام والحب والوئام وقصة الحمامة مع المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم في أحلك مراحل الرسالة عندما يختلي في الغار لتدارك كيد قريش ، عندما بنت عشها على مدخل غار حراء ووضعت به البيض ايحا منها لكفار قريش بأن الغار غير مسكون ، زاد من حب الإنسان لهذا الطائر حتى تغزل بها وشبه حبيبته بها ، حيث قال احدهم ..
حمامي اللي بزينات الطرب غنا
من فوق هدب الجرايد طوح أصواته
با الله عليك القميري وانتزح عنا
ترك فنون الطرب خله لحزاته
ذكرتني ناقش الكفين بالحنا
سيد الغنادير خده كنه امراته
وأخر شبه مشى حبيبته بدرج الحمام ، وهديل الحمام وهناك تناسق عجيب بين درج الحمام وحركة رأسه عندما يمشي على الأرض حتى أصبح مضرب مثل وتقليد عجيب عند الإنسان ، حيث أن هناك تناغم وتنساق لفت نظر الحيوان والإنسان .
ومن المميزات التي حباها الله عز وجل لطائر الحمام أنها تتميز بحدة الإبصار ورؤية الأشياء البعيدة بدقه نتيجة لأتساع الحقل البصري (رؤية مساحه كبيره) وتصل قوة الإبصار في الحمام الى 300 درجه بينما في الإنسان تبلغ 12 درجه ، كما يستطيع أن يدرك اللون الأحمر وقدرته الفائقة على تحديد الاتجاهات الا ربعه ( الشمال - الجنوب - الشرق - الغرب ) والذاكرة الطبوغرافية وقرأته الفائقة على تحديد الأماكن بمنتهى الدقة وترجع هذه المقدرة نتيجة لوجود جزيئات من الحديد في خلايا معينه بمناطق المخ تعمل كأجهزة استقبال وتحليل للمغناطيسية الأرضية كأنها بوصله الكترونية تحدد الأماكن وتخزنها في الذاكرة - سبحان الله - ومن أجمل صفات الحمام حبه وحنينه الى المكان الذي استوطن وربى به ولا يغادره أبدا وإذا ابعد عنه عاد إليه .
وأنواع الحمام كثيرة من أشهرها الزاجل الذي استخدمه الإنسان في توصيل الرسائل قديماً ، ومنه القميري الذي عندما تأتي هجرته المشهورة يقوم محبيه ومن زود حبهم له بالفتك به بأحد ث ما تواصل أليه هواة القنص من الأسلحة النارية الفتاكة التي قادرة على أن تقتل الإنسان فما بالك بطائر صغير لا يملا كف اليد الواحدة ، وينطبق عليهم المثل القائل ومن الحب ما قتل .
من إعجاب الطيور بالحمام ما تناقلته الأساطير من شقف طائر الغراب بمحاولة تقليد درج طائر الحمام حتى قالوا انه مشيته ليست سيئة ولكن من إصراره على تعلم مشي الحمام ضيع مشيته حتى أصبح مضرب مثل " يبي يمشي مشي الحمام وضيع مشيته " وهذا المثل أصبح يسقط على الإنسان عندما يحاول أن يأخذ شي لا يليق به ولا يناسبه .
واقعنا الاجتماعي ، مميز وله خصوصية فريدة ، فنحن ليس مجتمع حزبي ولا قبلي ، ولا يوجد مؤسسات مدنية تحل محل هذه التنظيمات ، وتركنا عبئ كل هذا على أقسام الشرط وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمحاكم .
ومجلس الشورى منغلق على نفسه وكأنه جهة رقابية فقط على أجهزة الدولة ، ولم يستفد من تجربة الدولة في اختيار أعضاءه والإلية التي تتم ، نعلم علم اليقين أن أعضاء مجلس الشورى لا يتم اختيارهم عشوائياً بل وفق منهج علمي وطني مدروس ، وكلهم من أصحاب المؤهلات العلمية والخبرات العالية ، والسجل الحافل بالعطاء ، ولم يقيدهم من اختارهم حتى يدوروا في دائرة مفرغة يدرسون ما يحال لهم من الجهات والوزارات التنظيمية وكأنهم لجنة استشارية .
أليس من المفترض أن مجلس الشورى يمثل مختلف فئات وشرائح المجتمع العالم والمفكر والمثقف والمهندس والطبيب والموظف وأبناء المدن وأبناء الأرياف والمزارع وأبناء البادية ، لماذا يدورون في حلقات مفرغه ، ولماذا لا يختارون مثل ما اختارهم ولي الأمر من فئات وشرائح ومناطق المملكة ما يسترشدون بآرائهم ويوصلون ما يرغبون بتوصيله لهم عن طريق حراك اجتماعي مؤسسي مدروس يفيد الوطن والمواطن والمسئول بدل من الانغلاق على النفس بهذه الطريقة التي أفقدتهم رضى الناس عنهم ، وأشعرت المجتمع بالعزلة منهم وعنهم .
هناك مشاكل يمكن حلها مؤسساتياً لو كان هناك لجان وطنية تعكس نبض الشارع هموم الناس ومشاكلهم ليس هي مسئولية الحكومة لوحدها ، فهي مسئولة عن الجميع ، وهناك أنظمة تخدم رأس المال على حساب الموظف والمواطن البسيط ، وهذه هي من صلب لجان ومؤسسات المجتمع المدني الغائبة راح ضحية لها آلاف من المواطنين لعدم وجهود ممثل لهم يقوم بدراسة المشكلة من جوانب وطنية وإنسانية واجتماعية وليس فقط مالية .
السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ، وتسلط رأس المال على جميع مفاصل الحياة في المجتمع وبدون وجود جهات مرجعية اجتماعية يحتكم إليها غير المحاكم والشرط تحد من فساد الكثير من الانظمة القاتلة ، نعم اعني قاتله وبدم بارد ، فعندما تتحكم مؤسسة تجارية وبكل برود بمستقبل المواطن الموظف وبمستقبل أولاده وليس المواطن العادي ، فهذا عيب خلقي في هذه الانظمة يجب التدخل الجراحي الفوري لتعديله او اجتثاثها .
هناك من له مصلحة كبيرة في أن يبقى الحال على ما هو عليه ، ولكن من يختارهم الملك من بين 27 مليون نسمة ليمثلوا هذا العدد من البشر والوطن تقاضيهم عن هذه المشاكل التي هي من صلب تخصصهم وهم أجدر وأقوى واعرف بها من غيرهم وقادرين على حلها وطرحه على صاحب القرار لأتخاذ القرار فيها بحد ذاتها هذه مشكلة علماً أن حلها سهل جداً لو نظر لها بعين الاعتبار والضرورة الملحة للكثير ولا تبخس حق احد أبدا .
صحيح أن الاعلام يطرح القضايا وينظر ولكن ، لا يحل المشاكل ، والعالم يبين الحلال من الحرام ويفتي ولكن لا يتعدى ذلك ، ومسئولي الجهات التنفيذية كلن في حدود مسئولياته ، فمن يفصل في تداخل المصالح بين واضع النظام وبين التجار والمواطن .
كل شي تطور الترابط الاجتماعي اختلف عن ما هو عليه قبل 15 سنة وما زلنا نعمل بأنظمة قبل 30 سنة ، وكأن الوضع لا يعنينا أو أن لدى المواطن الكثير من الخيارات ، هذا ليس صحيح ، يجب أن نفكر بمتطلبات المواطن غير الموظف والموظف البسيط الذي راتبه لا يتجاوزا 3000 ريال ، وأن نسهم في تغيير صورة وسلوك التجار والمؤسسات التجارية مع المواطن وأن يحسبون له احترامه ومواطنته لهذا الوطن الذي تحصد هذه الشركات المليارات من خيراته ، وحقوقها محفوظة ، فيجب أن لا تتعامل مع المواطن وكأنه مختلس محترف أو ناقص الأهلية يجب الحجر عليه .
بصراحة هناك الكثير من القصص والماسي التي يندى لها الجبين وتحز في النفس ، ولكن من يقدر يغير نظام مجحف بحق الوطن غير مجلس الشورى ، ومن يضع شروط وطنية للوطن والمواطن ، على تلك الشركات والبنوك بما يتلاءم مع احتياجات مختلف شرائح المجتمع ، بالنسبة للاحتياجات الأساسية ، ولكن كيف ومتى فهذا بعلم الله .
مجلس الشورى قادر على وضع منهج برلماني عملي لو نزلوا لمتطلبات المواطن البسيط وشكلوا لجان لدارسة ما يعانيه المواطن ومجابهة الوزارات والجهات المعنية عندما تقدم تقاريرها السنوية لدراستها ومقارنة ما يقدم منها بما درسته اللجان الميدانية ، من أحداث تغيير للكثير من الانظمة التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر وهذه كلها ليس جوانب مالية بل لها نعكسات اجتماعية عميقة ، ونضرب مثل بسيط اذا كانت السيارة العائلية قسطها لا يقل عن 3000 ، فمنهم الفئات الذين يستطيعون تملكها من المواطنين وكم مداخليهم ، فكيف اذا كان المواطن بحاجة الى سيارة ومنزل بالإقساط ، وهذه الشركات توقع عقود مشتريات بالمليارات مع الدولة ، لماذا لا توضع شروط على تلك الشركات ، للتسهيل على المواطن مثل إطالة فترة السداد بدل من أربع سنوات الى سبع سنوات لشركات السيارات ، وبدل 16 راتب التي تشترطها مؤسسة النقد على البنوك الى 25 راتب ، وتطوير دور شركة سمة للخدامات الائتمانية ، من " بليس " ائتماني الى مستشار ائتماني يخدم المتعثرين بدل من الاحتفاظ بأسمائهم ووضع العراقيل أمامهم ولماذا المواطن لا يكتفى بتعريفه بهويتيه الوطنية وتعريف عمله مثل الكثير من دول الجوار لماذا كل هذا الخوف منه يا مجلس الشورى .